للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ: «لَنْ تَزُولَ قَدَمَا شَاهِدِ الزُّورِ حَتَّى يُوجِبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ» . وَالطَّبَرَانِيُّ: «إنَّ الطَّيْرَ لَتَضْرِبُ بِمَنَاقِيرِهَا وَتُحَرِّكُ أَذْنَابَهَا مِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَا يَتَكَلَّمُ بِهِ شَاهِدُ الزُّورِ وَلَا يُفَارِقُ قَدَمَاهُ الْأَرْضَ حَتَّى يُقْذَفَ بِهِ فِي النَّارِ» . وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ: «مَنْ كَتَمَ شَهَادَةً إذَا دُعِيَ إلَيْهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَ بِالزُّورِ» . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ مُنْكَرٌ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحْتَبِيًا فَحَلَّ حَبْوَتَهُ فَأَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَرَفِ لِسَانِهِ فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ» . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٨] وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ثُمَّ قَرَأَ: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: ١٤] وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَعَدَ فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ» .

تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَيْنِ هُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأُولَى وَقِيَاسُهَا الثَّانِيَةُ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ هِيَ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا لَا يَتَحَقَّقُهُ. قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَعَدُّهَا كَبِيرَةً ظَاهِرٌ إنْ وَقَعَ فِي مَالٍ خَطِيرٍ، فَإِنْ وَقَعَ فِي مَالٍ قَلِيلٍ كَزَبِيبَةٍ أَوْ تَمْرَةٍ فَمُشْكِلٌ، فَيَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ مِنْ الْكَبَائِرِ فَطْمًا عَنْ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ كَمَا جُعِلَ شُرْبُ قَطْرَةٍ مِنْ الْخَمْرِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمَفْسَدَةُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُضْبَطَ ذَلِكَ الْمَالُ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ. قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَيَشْهَدُ لِلثَّانِي مَا سَبَقَ عَنْ الْهَرَوِيِّ أَيْ وَهُوَ اشْتِرَاطُهُ فِي كَوْنِ الْغَصْبِ كَبِيرَةً أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ رُبُعَ دِينَارٍ، لَكِنْ مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَفْسِهِ أَنَّهُ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غَصْبَ الْحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِيرَةٌ، وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِلْأَوَّلِ أَعْنِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَوْنِ شَهَادَةِ الزُّورِ كَبِيرَةً بَيْنَ قَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ فَطْمًا عَنْ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ الْقَبِيحَةِ الشَّنِيعَةِ جِدًّا وَمِنْ ثَمَّ جُعِلَتْ عِدْلًا لِلشِّرْكِ، وَوَقَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذِكْرِهَا مِنْ الْغَضَبِ وَالتَّكْرِيرِ مَا لَمْ يَقَعْ لَهُ عِنْدَ ذِكْرِ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عِظَمِ أَمْرِهَا، وَمِنْ ثَمَّ جُعِلَتْ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ.

قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ أَيْضًا وَإِذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>