للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ، وَمَنْ آذَى اللَّهَ أَوْشَكَ أَنْ يَأْخُذَهُ» .

وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَقَدْ اسْتَوْفَيْتهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي كِتَابٍ حَافِلٍ لَمْ يُصَنَّفْ فِي هَذَا الْبَابِ - فِيمَا أَظُنُّ - مِثْلُهُ، وَمِنْ ثَمَّ سَمَّيْته: [الصَّوَاعِقُ الْمُحْرِقَةُ لِإِخْوَانِ الشَّيَاطِينِ أَهْلِ الِابْتِدَاعِ وَالضَّلَالِ وَالزَّنْدَقَةِ] فَاطْلُبْهُ إنْ شِئْت لِتَرَى مَا فِيهِ مِنْ مَحَاسِنِ الصَّحَابَةِ وَثَنَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَيْهِمْ لَا سِيَّمَا الشَّيْخَانِ، وَمِنْ افْتِضَاحِ الشِّيعَةِ وَالرَّافِضَةِ فِي كَذِبِهِمْ وَتَقَوُّلِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ عَلَيْهِمْ بِمَا هُمْ بَرِيئُونَ مِنْهُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -.

تَنْبِيهٌ: عَدُّ مَا ذُكِرَ كَبِيرَتَيْنِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ سَبَّ الصَّحَابَةِ كَبِيرَةٌ، قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ مُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ الِابْتِدَاعُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِتَرْكِ السُّنَّةِ، فَمَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَتَى كَبِيرَةً بِلَا نِزَاعٍ، انْتَهَى. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَغَيْرِهَا كَحَدِيثِ: «إنَّ اللَّهَ اخْتَارَنِي وَاخْتَارَ لِي أَصْحَابًا فَجَعَلَ لِي مِنْهُمْ وُزَرَاءَ وَأَنْصَارًا وَأَصْهَارًا فَمَنْ شَتَمَهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» .

وَحَدِيثُ: «إنَّ اللَّهَ اخْتَارَنِي وَاخْتَارَ لِي أَصْحَابًا فَجَعَلَ لِي إخْوَانًا وَأَصْحَابًا وَأَصْهَارًا، وَسَيَجِيءُ قَوْمٌ بَعْدَهُمْ يَعِيبُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَهُمْ فَلَا تُؤَاكِلُوهُمْ وَلَا تُشَارِبُوهُمْ وَلَا تُنَاكِحُوهُمْ وَلَا تُصَلُّوا مَعَهُمْ وَلَا تُصَلُّوا خَلْفَهُمْ» . وَكَحَدِيثِ: «إذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا» .

وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَ كَافِرًا، وَأَنَّهُمْ اسْتَنَدُوا فِي ذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ سَبَّك يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَدْ كَفَرَ» . وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا» ، فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ وَذُرِّيَّتِهِ فَهُوَ كَافِرٌ هُنَا قَطْعًا، وَأَيْضًا فَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي غَيْرِ آيَةٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: ١٠٠] فَمَنْ سَبَّهُمْ أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ، وَمَنْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ أَهْلَكَهُ وَخَذَلَهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعُلَمَاءُ: إذَا ذُكِرَ الصَّحَابَةُ بِسُوءٍ كَإِضَافَةِ عَيْبٍ إلَيْهِمْ وَجَبَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْخَوْضِ فِي ذَلِكَ، بَلْ وَيَجِبُ إنْكَارُهُ بِالْيَدِ ثُمَّ اللِّسَانِ ثُمَّ الْقَلْبِ عَلَى حَسَبِ الِاسْتِطَاعَةِ كَسَائِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>