للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» . وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ هُمْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ.

وَلَقَدْ شُوهِدَ عَلَى سَابِّهِمْ قَبَائِحُ تَدُلُّ عَلَى خُبْثِ بَوَاطِنِهِمْ وَشِدَّةِ عِقَابِهِمْ: مِنْهَا مَا حَكَاهُ الْكَمَالُ بْنُ الْقَدِيمِ فِي تَارِيخِ حَلَبٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ ابْنُ مُنِيرٍ خَرَجَ جَمَاعَةٌ مِنْ شُبَّانِ حَلَبٍ يَتَفَرَّجُونَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ سَمِعْنَا أَنَّهُ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ يَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ إلَّا وَيَمْسَخُهُ اللَّهُ فِي قَبْرِهِ خِنْزِيرًا وَلَا شَكَّ أَنَّ ابْنَ مُنِيرٍ كَانَ يَسُبُّهُمَا فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ إلَى الْمُضِيِّ إلَى قَبْرِهِ فَمَضَوْا وَنَبَشُوهُ فَوَجَدُوا صُورَتَهُ صُورَةَ خِنْزِيرٍ وَوَجْهَهُ مُنْحَرِفٌ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى، فَأَخْرَجُوهُ عَلَى شَفِيرِ قَبْرِهِ لِيُشَاهِدَهُ النَّاسُ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ فَأَحْرَقُوهُ بِالنَّارِ وَأَعَادُوهُ فِي قَبْرِهِ وَرَدُّوا عَلَيْهِ التُّرَابَ وَانْصَرَفُوا.

قَالَ الْكَمَالُ أَيْضًا: وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ الشَّيْخِ الصَّالِحِ عُمَرَ الرُّعَيْنِيِّ قَالَ: كُنْت مُجَاوِرًا بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ - عَلَى مُشَرِّفِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ - فَخَرَجْت يَوْمَ عَاشُورَاءَ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْإِمَامِيَّةُ فِي قُبَّةِ الْعَبَّاسِ وَقَدْ اجْتَمَعُوا فِي الْقُبَّةِ، قَالَ: فَوَقَفْت أَنَا عَلَى بَابِ الْقُبَّةِ وَقُلْت أُرِيدُ فِي مَحَبَّةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ شَيْئًا، قَالَ فَخَرَجَ إلَيَّ شَيْخٌ مِنْهُمْ وَقَالَ اجْلِسْ حَتَّى نَفْرُغَ وَنُعْطِيَك فَجَلَسْت حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ خَرَجَ إلَيَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَأَخَذَ بِيَدَيْ وَمَضَى بِي إلَى دَارِهِ وَأَدْخَلَنِي الدَّارَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَرَائِي وَسَلَّطَ عَلَيَّ عَبْدَيْنِ فَكَتَّفَانِي وَأَوْجَعَانِي ضَرْبًا ثُمَّ أَمَرَهُمَا بِقَطْعِ لِسَانِي فَقَطَعَاهُ ثُمَّ أَمَرَهُمَا فَحَلَّا كِتَافِي وَقَالَ اُخْرُجْ إلَى الَّذِي طَلَبْت فِي مَحَبَّتِهِ لِيَرُدَّ عَلَيْك لِسَانَك.

قَالَ: فَخَرَجْت مِنْ عِنْدِهِ إلَى الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ النَّبَوِيَّةِ وَأَنَا أَبْكِي مِنْ شِدَّةِ الْوَجَعِ وَالْأَلَمِ وَقُلْت فِي نَفْسِي: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ تَعْلَمُ مَا أَصَابَنِي فِي مَحَبَّةِ أَبِي بَكْرٍ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُك حَقًّا فَأُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إلَيَّ لِسَانِي وَبِتْ فِي الْحُجْرَةِ قَلِقًا مِنْ شِدَّةِ الْأَلَمِ فَأَخَذَتْنِي سَنَةٌ مِنْ النَّوْمِ فَرَأَيْت فِي مَنَامِي أَنَّ لِسَانِي قَدْ عَادَ إلَى حَالِهِ كَمَا كَانَ فَاسْتَيْقَظْت فَوَجَدْته فِي فَمِي صَحِيحًا كَمَا كَانَ وَأَنَا أَتَكَلَّمُ فَقُلْت الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ عَلَيَّ لِسَانِي، قَالَ: فَازْدَدْت مَحَبَّةً فِي أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الثَّانِي فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ اجْتَمَعُوا عَلَى عَادَتِهِمْ فَخَرَجْت إلَى بَابِ الْقُبَّةِ وَقُلْت أُرِيدُ فِي مَحَبَّةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ دِينَارًا، فَقَامَ إلَيَّ شَابٌّ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَقَالَ لِي اجْلِسْ حَتَّى نَفْرُغَ فَجَلَسْت، فَلَمَّا فَرَغُوا خَرَجَ إلَيَّ ذَلِكَ الشَّابُّ وَأَخَذَ بِيَدَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>