اسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِهَا فَلَمْ يَمُتْ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْمُوَافِقِ لِنَوْبَتِهَا وَاسْتِحْقَاقِهَا، وَخَالَطَ رِيقُهَا رِيقَهُ فِي آخِرِ أَنْفَاسِهِ وَدُفِنَ بِمَنْزِلِهَا، وَلَمْ تَرْوِ عَنْهُ امْرَأَةٌ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَلَا بَلَغَتْ عُلُومُ النِّسَاءِ قَطْرَةً مِنْ عُلُومِهَا فَإِنَّهَا رَوَتْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْفَيْ حَدِيثٍ وَمِائَتَيْ حَدِيثٍ، وَلَقَدْ خُلِقَتْ طَيِّبَةً وَعِنْدَ طَيِّبٍ وَوُعِدَتْ مَغْفِرَةً وَرِزْقًا كَرِيمًا.
وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَنْهُ عَائِشَةَ إلَّا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا، وَكَانَتْ فَصَيْحَةَ الطَّبْعِ، غَزِيرَةَ الْكَرَمِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ، قَسَمَتْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سَبْعِينَ أَلْفًا فِي الْمَحَاوِيجِ وَدِرْعُهَا مَرْقُوعٌ، وَلَقَدْ شَاعَ حُبُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا حَتَّى كَانَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَهَا حَتَّى أَضْجَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةً مِنْ ضَرَائِرِهَا، فَسَأَلْنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى لِسَانِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِنْتِهِ وَعَلَى لِسَانِ غَيْرِهَا الْعَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يُجِبْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِ «لَا تُؤْذُونِي فِي عَائِشَةَ فَوَاَللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرَهَا» .
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» .
وَكُشِفَ عَنْ بَصَرِهَا فَرَأَتْ جِبْرِيلَ فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلِّمْ عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهَا هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْك السَّلَامُ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ:
وَلَوْ كَانَ النِّسَاءُ كَمَنْ ذُكِرْنَا ... لَفُضِّلَتْ النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ
فَمَا التَّأْنِيثُ لِاسْمِ الشَّمْسِ عَيْبٌ ... وَلَا التَّذْكِيرُ فَخْرٌ لِلْهِلَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute