فَإِذَا عَلَيْهَا سَرِيرٌ عَلَى السَّرِيرِ سَبْعُونَ فِرَاشًا عَلَى كُلِّ فِرَاشٍ سَبْعُونَ زَوْجَةً عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً يُرَى مُخُّ سَاقَيْهَا مِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْحُلَلِ يَقْضِي جِمَاعَهُنَّ فِي مِقْدَارِ لَيْلَةٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِنَّ أَنْهَارٌ مُطَّرِدَةٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ صَافٍ لَيْسَ فِيهِ كَدَرٌ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بُطُونِ الْمَاشِيَةِ، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بُطُونِ النَّحْلِ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لَمْ تَعْصِرْهُ الرِّجَالُ بِأَقْدَامِهَا، فَإِذَا اشْتَهُوا الطَّعَامَ جَاءَتْهُمْ طَيْرٌ بِيضٌ فَتَرْفَعُ أَجْنِحَتَهَا فَيَأْكُلُونَ مِنْ جُنُوبِهَا مِنْ أَيِّ الْأَلْوَانِ شَاءُوا ثُمَّ تَطِيرُ فَتَذْهَبُ، فِيهَا ثِمَارٌ مُتَدَلِّيَةٌ إذَا اشْتَهُوهَا انْبَعَثَ الْغُصْنُ إلَيْهِمْ فَيَأْكُلُونَ مِنْ أَيِّ الثِّمَارِ شَاءُوا إنْ شَاءَ قَائِمًا وَإِنْ شَاءَ قَاعِدًا وَإِنْ شَاءَ مُتَّكِئًا، وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن: ٥٤] وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ خَدَمٌ كَاللُّؤْلُؤِ» .
وَالشَّيْخَانِ: «إنَّ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ سَنَةً ثُمَّ يَنْزِلُ مَاءٌ مِنْ السَّمَاءِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ وَلَيْسَ مِنْ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ لَا يَبْلَى إلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ مِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَفِيهِ مَنْ تُكَلِّمَ فِيهِ، لَكِنْ أَخْرَجَ لَهُ الشَّيْخَانِ: «الْمَيِّتُ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا» .
قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: قَدْ قَالَ كُلُّ مَنْ وَقَفْت عَلَى كَلَامِهِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ إنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا: أَيْ أَعْمَالُهُ. قَالَ الْهَرَوِيُّ وَكَذَا الْحَدِيثُ الْآخَرُ: «يُبْعَثُ الْعَبْدُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ» ، قَالَ: وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إلَى الْأَكْفَانِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إنَّمَا يُكَفَّنُ بَعْدَ الْمَوْتِ. اهـ. وَفِعْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَاوِي الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى إجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا، وَفِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا: «إنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ عُرَاةً» انْتَهَى، وَهَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَقَعَ ذِكْرُهُمَا هُنَا سَهْوًا لَكِنَّ فِيهِمَا فَوَائِدَ.
وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: «يُسَاقُ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إذَا انْتَهَوْا إلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا وَجَدُوا عِنْدَهُ شَجَرَةً يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ سَاقِهَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ، فَعَمَدُوا إلَى إحْدَاهُمَا كَأَنَّمَا مَرُّوا بِهَا فَشَرِبُوا مِنْهَا فَأَذْهَبَتْ مَا فِي بُطُونِهِمْ مِنْ أَذًى أَوْ قَذًى أَوْ بَأْسٍ، ثُمَّ عَمَدُوا إلَى الْأُخْرَى فَتَطَهَّرُوا مِنْهَا فَجَرَتْ عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ فَلَنْ تُغَيَّرَ أَبْشَارُهُمْ بَعْدَهَا أَبَدًا وَلَنْ تَشْعَثَ أَشْعَارُهُمْ كَأَنَّمَا دُهِنُوا بِالدِّهَانِ، ثُمَّ انْتَهَوْا إلَى خَزَنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute