بَعْضُ السَّلَفِ: " أَوَّلُ خَطِيئَةٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهَا هِيَ الْحَسَدُ حَسَدَ إبْلِيسُ آدَمَ أَنْ يَسْجُدَ لَهُ فَحَمَلَهُ الْحَسَدُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ ".
وَوَعَظَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ فَقَالَ: إيَّاكَ وَالْكِبْرَ فَإِنَّهُ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ} [البقرة: ٣٤] الْآيَةَ، وَإِيَّاكَ وَالْحِرْصَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ آدَمَ مِنْ الْجَنَّةِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ جَنَّةً عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ يَأْكُلُ فِيهَا إلَّا شَجَرَةً وَاحِدَةً نَهَاهُ عَنْهَا فَمِنْ حِرْصِهِ أَكَلَ مِنْهَا فَأَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ الْجَنَّةِ، ثُمَّ قَرَأَ: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا} [طه: ١٢٣] الْآيَةَ، وَإِيَّاكَ وَالْحَسَدَ فَإِنَّهُ الَّذِي حَمَلَ ابْنَ آدَمَ عَلَى أَنْ قَتَلَ أَخَاهُ حِينَ حَسَدَهُ ثُمَّ قَرَأَ: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧] .
وَقِيلَ: كَانَ السَّبَبُ أَيْضًا فِي قَتْلِهِ لَهُ أَنَّ زَوْجَتَهُ أُخْتَ الْقَاتِلِ كَانَتْ أَجْمَلَ مِنْ زَوْجَةِ الْقَاتِلِ أُخْتِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّ حَوَّاءَ وَلَدَتْ لِآدَمَ عِشْرِينَ بَطْنًا فِي كُلِّ بَطْنٍ اثْنَيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى، فَكَانَ آدَم صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ يُزَوِّجُ أُنْثَى كُلِّ بَطْنٍ لِذَكَرِ بَطْنٍ آخَرَ لَا لِذَكَرِ بَطْنِهَا، فَلَمَّا رَأَى قَابِيلُ أَنَّ زَوْجَةَ أَخِيهِ هَابِيلَ أَجْمَلُ حَسَدَهُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلَهُ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا قَالَهُ لَهُ أَيْضًا: وَإِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْكُتْ، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَاسْكُتْ، وَإِذَا ذُكِرَتْ النُّجُومُ فَاسْكُتْ.
وَكَانَ بَعْضُ الصُّلَحَاءِ يَجْلِسُ بِجَانِبِ مَلِكٍ يَنْصَحُهُ وَيَقُولُ لَهُ: أَحْسِنْ إلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ فَإِنَّ الْمُسِيءَ سَتَكْفِيهِ إسَاءَتُهُ، فَحَسَدَهُ عَلَى قُرْبِهِ مِنْ الْمَلِكِ بَعْضُ الْجَهَلَةِ وَأَعْمَلَ الْحِيلَةَ عَلَى قَتْلِهِ، فَسَعَى بِهِ لِلْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ: إنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّك أَبْخَرُ، وَأَمَارَةُ ذَلِكَ أَنَّك إذَا قَرُبْتَ مِنْهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ لِئَلَّا يَشُمَّ رَائِحَةَ الْبَخَرِ، فَقَالَ: لَهُ انْصَرِفْ حَتَّى أَنْظُرَ، فَخَرَجَ فَدَعَا الرَّجُلَ لِمَنْزِلِهِ وَأَطْعَمَهُ ثُومًا فَخَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ عِنْدِهِ وَجَاءَ لِلْمَلِكِ وَقَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ السَّابِقِ: أَحْسِنْ لِلْمُحْسِنِ كَعَادَتِهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: اُدْنُ مِنِّي فَدَنَا مِنْهُ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَشُمَّ الْمَلِكُ مِنْهُ رَائِحَةَ الثُّومِ، فَقَالَ الْمَلِكُ فِي نَفْسِهِ: مَا أَرَى فُلَانًا إلَّا قَدْ صَدَقَ، وَكَانَ الْمَلِكُ لَا يَكْتُبُ بِخَطِّهِ إلَّا بِجَائِزَةٍ أَوْ صِلَةٍ فَكَتَبَ لَهُ بِخَطِّهِ لِبَعْضِ عُمَّالِهِ: إذَا أَتَاك صَاحِبُ كِتَابِي هَذَا فَاذْبَحْهُ وَاسْلُخْهُ وَاحْشُ جِلْدَهُ تِبْنًا وَابْعَثْ بِهِ إلَيَّ فَأَخَذَ الْكِتَابَ وَخَرَجَ فَلَقِيَهُ الَّذِي سَعَى بِهِ فَقَالَ: مَا هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute