للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: بيانُ فضائلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ومَناقِبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ لقوله: {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً}.

وهنا قد يُشْكِلُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنَّ اللَّهَ تعالى يَقُولُ ذَلِكَ، وفي آيات كثيرة يَذُمُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَيَّنَ السَّبَبَ فِي جَعْلِ هؤُلاءِ أئمةً، فَقَالَ تعالى فِي سُورة السَّجْدَةِ: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: ٢٤]، فحينما كانوا مُتَّصِفِينَ بهذين الوصفين: الصَّبْر واليَقِين، كانوا أئمةً، وَقَدْ أَخَذَ شيخُ الْإِسْلَامِ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ جملةً، فقال (١): "بالصَّبْر واليقِين تُنال الْإِمَامَةُ فِي الدِّينِ".

لَكِنْ لمَّا تخلَّف الصَّبْرُ، وتَخَلَّف اليَقِينُ منهم، صاروا {قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: ٦٥]، وجاءت الآيَاتُ فِي ذَمِّهم، فالآياتُ لا يُكذِّب بَعْضُهَا بَعْضًا، ولكن هناك أشياءُ تُوجِب تَخَلُّفَ أحكام بعض الآياتِ لِتَخَلُّفِ السبب.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّ المُسْلِمِينَ إِذَا اسْتَوْلَوْا على بلاد الكُفَّار مَلكُوها، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}، يَمْلِكُ مَا وَرِثَ، فَهُمُ الَّذِينَ يجعلهم اللَّهُ الْوَارِثين، وَلِهَذَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: إِنَّ الأراضي تُملك.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن الأراضي لَيْسَتْ مِنَ الْغَنَائِمِ المحضة، فَاللَّهُ تعالى يَقُولُ: {وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}، مَعَ أَنَّ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أُحِلَّتْ لِيَ المَغَانِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي" (٢).


(١) قاعدة في الصَّبْر، لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص ٩٤).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب التيمم، باب رقم (٣٣٥)، مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، رقم (٥٢١).

<<  <   >  >>