النُّفُوس تَحتَاج إلَى المعالجة، فهذا صبر عَلَى طَاعَة اللَّه، وفي الشَّرائِع نَوَاهٍ نُهِيَ عنها، قد يَشُقُّ على النفس تركُها، ففيها صبرٌ عن مَعصيَة اللَّه.
كذلك أَيْضًا في الشَّرائِع إيذاء؛ فإنَّ المجرمين يُؤذُون المُؤمِنينَ، وربما يَضْرُبونَهم، وربما يقتلونهم، وهذا صَبْرٌ عَلَى أقدار اللَّه المؤلمة.
فعلى هَذَا يَكون الصَّبر عَلَى الشَّرائِع يتضمن الصَّبْر بأنواعه الثَّلاثَة: الصَّبر عَلَى طَاعَة اللَّه، وعن معصيته، وعلى أقدارِه مؤلمة.
وأصلُ الصَّبْر في اللُّغَةِ الحبسُ، ومنه قَولُهم: قُتِل فلانٌ صَبْرًا، أي: محبوسًا على القتل، أُمْسِكَ وقُتِل، فمعنى الصَّبْر: حبسُ النَّفْسِ، والنَّفْسُ تَحتَاج إلَى حَبْسٍ عَلَى طَاعَة اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأنَّهُ كَمْ مِن إنسانٍ يَقولُ لَهَ ضميرُه: افعل كَذَا مِنَ الطاعة، وربما يفعل بعضَها، ثم يَعْجِزُ، فلا يَصْبرُ نَفْسَهُ، وكذلك بالنِّسبة للمعاصي؛ فإنَّ النفس المطمئنةَ تَزْجُرُ المرءَ عن المعصية، ولكن تأتيه النفسُ الأمَّارةُ بالسُّوء فتأمُرُه بالمعصية، وحينئذ تتصارع النَّفْسان، والتوفيقُ بِيَدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
فإنَّ بَعضَ النَّاس قَد لَا يصبر على الأَقْدَار المؤلمة ويَقْنَطُ، وهناك مِنَ النَّاس مَن إذا ابتُلي بمصائبَ انْتَحَرَ، فهؤُلاءِ لم يصبروا على الأَقْدَار، فَقَتلُوا أنفُسَهم، ليعَذَّبوا بما قَتَلُوا به أنفسهم في نار جَهَنَّم، ويُخَلَّدون فيها، كما جاء في الحديث: "مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تحسَّى