{كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ} قُرَّةُ عَينه ينسى الحُزن والسأم، أي نَفْي الحزن هنا لِأَجْلِ أَنْ يُبَيِّن أنَّ القَرَّ كامل؛ لِأنَّهُ قَدْ تَقَرَّ عينُها مع شيء مِنَ الحُزْنِ.
والوعِيدُ حقٌّ، والوَعد حقٌّ، ولو قلنا: إِنَّ الوعيد ليس بحق. لَزِمَ أن يَكُونَ فِي خبر اللَّه كَذِبٌ، وهذا غير ممكن، لكن الوعيدُ قد لا يُنَّفذ؛ تفضلًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّه حقُّه، الوعيد حقُّ اللَّه، واللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى قد يتجاوز عنه، أما الوعد فإنه حقٌّ للموعود، وَلِهَذَا لَا يمكن أن يتخلف، قال الشاعر (١):
لأن الوعد حقٌّ للموعود، والوعيد حقٌّ للواعد أو للمُوعد.
وأضرب لذلك مثلًا: إذا قلتُ لهذا الرَّجل: إِنْ فَعَلْتَ كَذَا أعطيتُك مائة دينار. فهذا وعدٌ؛ لأنَّه في الخير، فهذا فَعَل ما قُلتُ، يجب عليَّ أنْ أوفيه؛ لأن الحق له، لكن لو قلتُ لولدي مثلًا: إنْ فعلتَ كذا حَبَسْتُك. ثم فَعَلَه، ولكني عفوتُ عنه، فهذا جائز، ويكون فضلًا، لَا سِيَّمَا إِذَا عَفَا عَنْهُ مع القُدرة، قَالَ اللَّهُ تعالى:{إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}[النساء: ١٤٩].
(١) البيت لعامر بن الطفيل، كما في لسان العرب: ختأ، وتاج العروس: ختأ، وبلا نسبة في إنباه الرواة (٤/ ١٣٩)، ومراتب النحويين (ص ٣٨).