أقول: إما للجهل بذلك، لكونهم لا يعرفون مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وصفاته ما هو اللائق به، وإما لكونهم لا ينتفعون بهذا العِلم.
فالذين لا يحرصون على فعل الخير، أو على تجنُّب الشر فِي الْحَقِيقَةِ هُم كالجَاهِلين بأن وَعْدَ اللَّهِ حَقُّ؛ إِذْ إِنَّ الطبيعة البشرية والعقل يقتضيان أنك ما دُمْتَ مؤمنًا بهذا الشَّيْء، سَوَاءٌ كَانَ وعدًا، أو وعيدًا، فَلَا بُدَّ أَنْ تسعى له بمقتضى إيمانك، وإذا كنتَ تعلم أَنَّ الْإِنْسَانَ سيموت، وأن المؤمن إذا مات سيجد الخير، ويكون في الجنة، وينجو مِن النار، هذا حق، لكن الذي لا يسعى إلى الجنة، ولا يسعى إِلَى هَذَا الخير، ويَنْهَمِكُ بسَعْيِه للدنيا الفانية، هذا فِي الْحَقِيقَةِ ليس عالمًا بأن وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، أو منتفعًا بِعِلْمِه، فلو انتفَعَ به ما فوَّت هَذِهِ الفُرصة العظيمة، فالإِنْسَان يعرف أن المعصية سبب لدخول النار، ويعرف أنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، لكن مع ذلك يتجرأ على المعاصي.
نقول: إنَّ عِلمه هنا ناقص؛ إذ لَوْ آمَنُ بذلك حقًّا لتجنَّب هذا الشَّيْء، فصَدَقَ معنا قَوْلُهُ تعالى:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.