والذي ذكره الرازي لا يقطع تشغيب إسماعيل، فإنه إنما شنع بأمر فقال:
أفيجوز أن يكون الصداق فرضا من فرض الله تعالى لحرمة البضع حتى لا يتبذل دون الصداق ثم يغشى النساء من غير مهر؟
والرازي إن قال له: يجب بنفس العقد فلا يقول: إنه يجب عندنا لغشيان شيء.
ولا شك أن الوطء يعري عن المهر في حق الأمة المزوجة، وفيه بشاعة، فإن الغشيان كيف خلا عن وجوب المهر، وعلى أن إيجاب المهر في هذا العقد فيه إشكال، فإن المهر لو وجب لوجب لشخص على شخص، فمن الذي أوجب له وعلى من وجب؟
فإن قلت: وجب للسيد على العبد، فهذا محال أن يثبت له دين على عبده.
وإن قلت: وجب لا على أحد، فمحال.
وكما أن العقد يقتضي الإيجاب، فالملك يقتضي الإسقاط، وليس له إيجابه ضرورة الإسقاط، كما يقال: إن إثبات الملك للابن ضرورة العتق، فإن العتق لا يتصور بدون الملك، فأما إسقاط المهر فلا يقتضي إثباته، بل يمكن أن يقال: لا يجب المهر أصلا بوجه من الوجوه، فإنه لو وجب لوجب للسيد، وهذا بيّن في نفسه، وهو الصحيح من مذهبنا.
وأما استبعاد إسماعيل بن إسحاق، فلا وجه له، لأن الله تعالى أوجب المهر إذا أمكن إيجابه، وقد دل الدليل على أن العبد لا يملك بالتمليك أصلا، وإذا لم يملك ولا بد من مالك، والسيد استحال أن