للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر سبب الجنابة، والسبب الأصلي في الحدث خروج الغائط، والأصلي في الجنابة الجماع، فيشبه أن يكون قد جمع الله بينهما.

ومن وجه آخر، وهو أن الله تعالى وتقدس، قد بين حكم طهارة الجنب والمحدث عند وجود الماء، فيشبه أن يتبين طهارتهما من عدمه، ولا يكون ذلك إلا بحمل الملامسة على الجنابة، ليكون قد بين أحوالهما عند عدم الماء ووجوده، فأما عند وجوده، فهو أنه ذكر السكر الناقض للطهارة والجنابة، ثم ذكر عند عدم الماء حكم المحدث، فيشبه أن يكون قد ذكر حكم الجنب أيضا.

هذا ما ذكروه وهو ضعيف جدا، فإن الله تعالى ذكر حكم السكران لا لإيجاب الطهارة، ولكن للمنع من دخول المسجد، كما ذكرناه، وذكر الجنب على هذا الوجه، فلم يكن فيه تعرض للطهارتين، إذ لم يذكر ما يحتاج فيه إلى الطهارتين، فإن دخول المسجد لا يحتاج فيه إلى الطهارتين، إنما يحتاج فيه إلى إحداهما، فلما فرغ من بيان دخول المسجد قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا، وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) «١» .

تعرض للتيمم في حق المحدث، لبيان حكم طهارته بعد الفراغ من أمر المسجد، فلم يكن الحكم الثاني متعلقا بالأول.

والدليل على ذلك، اختلاف أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم في تيمم الجنب.

فقال بعضهم: لا يصلي ولا يتيمم حتى يجد الماء، لأن التيمم إنما


(١) سورة المائدة آية ٦.