للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[فصل]

١٤٨٧- أخبرنا عمر بن أحمد السمسار، أنبأ أبو بكر بن أبي علي، ثنا أحمد بن داود المكي، ثنا معاوية بن عطاء الخزاعي، ثنا شعبة، عن عوف، عن أبي رجاء العطاردي، عن سمرة بن جندب –رضي الله عنه- قال:

((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما أصبح قال لأصحابه: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قال: وإنه أصبح ذات يومٍ فقال: إني رأيت كأن آتيان أتياني فقالا: انطلق انطلق، فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى شيخ أبيض الرأس واللحية كئيب حزينٍ عنده نار وهو يحشها ويصلح ويصلح منها، فقلت: يا بارك الله فيكما من هذا الشيخ وما هذه النار؟! ⦗٢٣٢⦘ فقالا لي: انطلق، انطلق، فانطلقت معهما حتى انتهيا إلى رجلٍ، وإذا رجل قائم على رأسه، وإذا بيده كلوب من حديد وهو يشرشر فمه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يفعل بهذه الناحية الأخرى فما يفرغ منها حتى تعود تلك الناحية كأصح ما كانت. فقلت: يا بارك الله فيكما ما هذان الرجلان؟! فقالا لي: انطلق. انطلق فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى رجلٍ مستلق على قفاه وإذا رجل قائم على رأسه بيده صخرة وهو يثلغ بها رأسه فيدهده الحجر ملكان أتاك أتاك فيذهب فيأخذ فما يرجع إلى صاحبه حتى يرجع رأسه كأصح ما كان فيفعل نحو ما فعل. فقلت: يا بارك الله فيكما ما هذان؟ قالا: انطلق انطلق. فانطلقت معهما حتى انتهينا إلى شبه البركة وإذا فيها رجل يسبح وإذا رجل قائم على شفة البركة بيده صخرة فيجيء السابح فيفغر فاه فيلقمه ذلك الحجر، فقلت: يا بارك الله فيكما ما هذان؟! قالا: انطلق انطلق. فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى شبه التنور وإذا فيه رجال ونساء فيأتيهم لهبٌ أسفل منهم فيضوضون فقلت: يا بارك الله فيكما ما هؤلاء؟ فقالا لي: انطلق انطلق، فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى أرضٍ بيضاء كأنها الفضة وإذا فيها من كل نور الربيع، وإذا رجل أبيض الرأس واللحية كأجمل ما أنت راءٍ من الرجال، وإذا عنده ولدان حمر يحوشهم ويصلح منهم، فقلت: يا بارك الله فيكما ما هذا الشيخ وما هؤلاء الولدان؟ قالا لي: انطلق [انطلق] فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى أرض بيضاء كأنها الفضة، وإذا فيها نهر يجري ويجيء قوم نصف أجسادهم كأحسن ما أنت راءٍ، ونصف أجسادهم كأقبح ما أنت راءٍ، فيدخلون في ذلك النهر كلما أمروا به ويخرجون منه كأنما دهنوا بالدهان، فقلت: يا بارك الله فيكما ما هؤلاء؟ قالا: انطلق انطلق فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى سدرة المنتهى، وهي جنة عدن، ⦗٢٣٣⦘ قالا: ذاك منزلك. قلت: يا بارك الله فيكما: دعاني فأدخله. قالا: لا، وأنت داخله. قلت: يا بارك الله فيكما إني رأيت منذ الليلة عجباً! قالا: نخبرك. أما الذي رأيت الأبيض الرأس واللحية فذلك (مالك) خازن جهنم، وأما الذي يشرشر فمه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه فذلك رجل يخرج من منزله يكذب الكذبة فتشيع في الآفاق، وأما الذي رأيت يثلغ رأسه فيترك كأنه خبزة فذلك الرجل النمام. وأما الذي رأيت في البركة يلقم حجراً فذلك الرجل يأكل مال اليتيم، وأما الذي رأيت في شبه بناء التنور فأولئك الزواني والزناة، وأما الذي رأيت الأبيض الرأس واللحية فذلك إبراهيم خليل الله، والولدان الذين رأيت ولدان المسلمين وكل مولودٍ يولد على الفطرة)) .

قوله (يحشها) : أي يوقدها. وقوله (فقلت: يا بارك الله فيكما) : أي يا هذان بارك الله فيكما، المنادى محذوف وحرف النداء يدل عليه (يشرشر) : يشقق (يثلغ) : يكسر، (يدهده) : يدق، (أتاك أتاك) أي: يقولان: أتاك أتاك أي يعود الحجر إليك سريعاً، و (يفغر) : يفتح (ولدان حمر) أي: قرب عهدهم بالولادة وفي الحديث (كل ابن آدم تلده أمه أحمر ليس عليه قشر) أي توب لم يرزقه الله، فالولد حين يولد يضرب لونه إلى الحمرة. و (يحوشهم) : أي يجمعهم، و (الدهان) : جمع الدهن، يريد أنهم يخرجون من النهر، وقد ذهب عنهم ما كان بأجسادهم من الأثر القبيح والسواد وفي هذا دليل أن المسلمين يخرجون من النار فيدخلون الجنة وقوله: (وكل مولود يولد على الفطرة) أي: مولود علم الله منه أنه يسلم إذا بلغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>