فقالا لي: انطلق، انطلق، فانطلقت معهما حتى انتهيا إلى رجلٍ، وإذا رجل قائم على رأسه، وإذا بيده كلوب من حديد وهو يشرشر فمه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يفعل بهذه الناحية الأخرى فما يفرغ منها حتى تعود تلك الناحية كأصح ما كانت. فقلت: يا بارك الله فيكما ما هذان الرجلان؟! فقالا لي: انطلق. انطلق فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى رجلٍ مستلق على قفاه وإذا رجل قائم على رأسه بيده صخرة وهو يثلغ بها رأسه فيدهده الحجر ملكان أتاك أتاك فيذهب فيأخذ فما يرجع إلى صاحبه حتى يرجع رأسه كأصح ما كان فيفعل نحو ما فعل. فقلت: يا بارك الله فيكما ما هذان؟ قالا: انطلق انطلق. فانطلقت معهما حتى انتهينا إلى شبه البركة وإذا فيها رجل يسبح وإذا رجل قائم على شفة البركة بيده صخرة فيجيء السابح فيفغر فاه فيلقمه ذلك الحجر، فقلت: يا بارك الله فيكما ما هذان؟! قالا: انطلق انطلق. فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى شبه التنور وإذا فيه رجال ونساء فيأتيهم لهبٌ أسفل منهم فيضوضون فقلت: يا بارك الله فيكما ما هؤلاء؟ فقالا لي: انطلق انطلق، فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى أرضٍ بيضاء كأنها الفضة وإذا فيها من كل نور الربيع، وإذا رجل أبيض الرأس واللحية كأجمل ما أنت راءٍ من الرجال، وإذا عنده ولدان حمر يحوشهم ويصلح منهم، فقلت: يا بارك الله فيكما ما هذا الشيخ وما هؤلاء الولدان؟ قالا لي: انطلق [انطلق] فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى أرض بيضاء كأنها الفضة، وإذا فيها نهر يجري ويجيء قوم نصف أجسادهم كأحسن ما أنت راءٍ، ونصف أجسادهم كأقبح ما أنت راءٍ، فيدخلون في ذلك النهر كلما أمروا به ويخرجون منه كأنما دهنوا بالدهان، فقلت: يا بارك الله فيكما ما هؤلاء؟ قالا: انطلق انطلق فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى سدرة المنتهى، وهي جنة عدن،