قالا: ذاك منزلك. قلت: يا بارك الله فيكما: دعاني فأدخله. قالا: لا، وأنت داخله. قلت: يا بارك الله فيكما إني رأيت منذ الليلة عجباً! قالا: نخبرك. أما الذي رأيت الأبيض الرأس واللحية فذلك (مالك) خازن جهنم، وأما الذي يشرشر فمه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه فذلك رجل يخرج من منزله يكذب الكذبة فتشيع في الآفاق، وأما الذي رأيت يثلغ رأسه فيترك كأنه خبزة فذلك الرجل النمام. وأما الذي رأيت في البركة يلقم حجراً فذلك الرجل يأكل مال اليتيم، وأما الذي رأيت في شبه بناء التنور فأولئك الزواني والزناة، وأما الذي رأيت الأبيض الرأس واللحية فذلك إبراهيم خليل الله، والولدان الذين رأيت ولدان المسلمين وكل مولودٍ يولد على الفطرة».
قوله (يحشها): أي يوقدها. وقوله (فقلت: يا بارك الله فيكما): أي يا هذان بارك الله فيكما، المنادى محذوف وحرف النداء يدل عليه (يشرشر): يشقق (يثلغ): يكسر، (يدهده): يدق، (أتاك أتاك) أي: يقولان: أتاك أتاك أي يعود الحجر إليك سريعاً، و (يفغر): يفتح (ولدان حمر) أي: قرب عهدهم بالولادة وفي الحديث (كل ابن آدم تلده أمه أحمر ليس عليه قشر) أي توب لم يرزقه الله، فالولد حين يولد يضرب لونه إلى الحمرة. و (يحوشهم): أي يجمعهم، و (الدهان): جمع الدهن، يريد أنهم يخرجون من النهر، وقد ذهب عنهم ما كان بأجسادهم من الأثر القبيح والسواد وفي هذا دليل أن المسلمين يخرجون من النار فيدخلون الجنة وقوله:(وكل مولود يولد على الفطرة) أي: مولود علم الله منه أنه يسلم إذا بلغ.