وجرت عادة أهل خراسان، ولا سيما ما وراء النهر في القرون الوسطى،
والمتأخرة على أن يلقبوا فقهاءهم بالألقاب النبيلة، ويصفوهم بالأوصاف الجليلة، فيقولون: شمس الأئمة، فخر الإسلام، صدر الشريعة، الإمام الأجل الزاهد، الإمام الفقيه، وهكذا.
فالواجب على الناظر في طبقات الفقهاء وأحوالهم أن ينظر إلى آثارهم وأقوالهم، لا إلى الألقاب، والأوصاف، ولا يعوَّل عليها في إعطاء الدرجات.
قال اللكنوي: وهذا في الأزمان المتأخرة، وأما في الأزمنة المتقدمة فكلهم بريئون من أمثال ذلك، وقال أبو عبد اللَّه القرطبي في شرح الأسماء الحسنى: قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، قال علماؤنا: ويجري هذا المجرى ما كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العرب والعجم من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي
التزكية، والثناء كزكي الدين، ومحيي الدين، وعلم الدين وشبه ذلك..
انتهى.
وفي " تنبيه الغافلين " لمحصي الدين النحاس عند ذكر المنكرات: " فمنها ما عمت به البلوى في الدين من الكذب الجاري على الألسن، وهو ما ابتدعوه من الألقاب ":
محيي الدين، ونور الدين، وعضد الدين، وغياث الدين، ومعين الدين، وناصر الدين، ونحوها من الكذب الذي يتكرر على الألسنة حال النداء، والتعريف، والحكاية، وكل هذا بدعة في الدين ومنكر ".
قال اللكنوي: هذا إذا لم يكن من وصف به أهلًا له، أو كان أهلًا وأراد به تزكية نفسه.
* * *
[أعلام الحنفية:]
نذكر هنا ما تمس الحاجة إليه، ونحيل من أراد التوسع على الفوائد البهية للكنوي وخاتمتها، وغيرها من طبقات الحنفية.
قال اللكنوي: تعيين المبهمات وعلمه من المهمات، فإن كثيرًا من أصحابنا ذكروا