وإذا تم تحديد الحجية وإثباتها وفهمها في إطار القطعية والظنية، فإن النصوص المحددة بلفظها عند إيقاعها على الواقع النسبي المتغير لا تشتمل على كل الحوادث، ومن هنا جاءت نظرية الإلحاق التي أخذت في مضمونها أشكالًا متعددة، كالقياس وكإجراء الكلي على جزئياته، أو تطيق المبدأ العام على أفراده، فالكل - حتى الظاهرية - قائلون
بما يمكن أن نسميه الإلحاق، وإن أنكروا هيئة مخصوصة منه، وهو القياس.
* * *
[نظرية الاستدلال:]
بعد نظرية الإلحاق تأتي نظرية الاستدلال، والتي رأى الأصولي فيها مجموعة من المحددات: كالعرف، والعادة، وقول الصحابي، وشرع من قبلنا، ونحوها تؤثر بمعنى، أو بآخر في الوصول إلى الحكم الشرعي، مما ادعى معه بعضهم أنها أدلة، وأنكرها آخرون، فسميت الأدلة المختلف فيها.
* * *
[نظرية الإفتاء:]
ثم تأتي نظرية الإفتاء التي تشتمل على ذكر المقاصد الشرعية، والتعارض، والترجيح مع شروط الاجتهاد والإفتاء، بحيث يقوم من توافرت فيه شروط الباحث بإصدار الحكم، ثم عرضه على سقف المقاصد الشرعية بحيث لا يتعداها، ومراجعة حكمه إن
تعداها حتى يتسق معها بحيث لا تكر الأحكام على المقاصد بالبطلان لما فيه من عكس المطلوب.
إن هذه النظريات السبع والدخول إلى علم الأصول من خلالها تبرر كثيرًا من المسائل التي يظن طالب ذلك العلم عدم جدواها ببادئ النظر، كما أنها تبني إطارًا معرفيًا مناسبًا للتحليل والدرس، وهي أيضا تكون المعيار الأمثل لتبني الآراء الأصولية، أو تعديلها، وكذلك تمكن من تشغيل وتفعيل ذلك العلم.