والذي يقوله الأصوليون مفروض، وليس بواقع، وهذه فائدة عظيمة وإليها الإشارة بقوله:" إذا صح الحديث ...
"، حيث أطلقه، ولم يجعل معه شرطًا آخر.
الفائدة الثالثة: أن العلماء رضوان اللَّه عليهم لكل منهم أصول، وقواعد بنى مذهبه عليها، لأجلها رَدَّ بعض الأحاديث، وأما الشافعي فليس له قاعدة يرد بها الحديث، فمتى صح الحديث قال به، والمعارض - الذي لو وقع كان معارضًا عنده، وعند غيره
هو: المعقول، أو الإجماع، أو القرآن، أو السنة المتواترة - لم يقع أصلًا، وقد صان اللَّه شريعته عن ذلك، فكان في قول الشافعي:
" إذا صح الحديث فهو مذهبي " إشارة إلى ذلك.
الفائدة الرابعة: في عموم الألف واللام من قوله " الحديث "، سواء أكان حجازيًّا، أم عراقيًّا، أم شاميًّا، خلافًا لمن لم يقبل إلا أحاديث الحجاز.
فهذه أربع فوائد، في الفائدة الأولى ثلاثة أشياء، فصارت ستة، لم توجد في كلام بقية الأئمة " انتهى ما أردته.
* * *
[أقوال الإمام:]
قال الشيرازي:
مسألة:
تخريج الشافعي المسألة على قولين جائز، وذهب من لا يعتد بخلافه إلى أن
ذلك لا يجوز، وربما قالوا: إن ذلك لا يجوز من جهة أنه لا يجوزأن يعتقد المجتهد في الحادثة قولين متضادين، ولا سيما على قوله: إن الحق من قول المجتهدين في واحد، وما عداه باطل، وربما قالوا: إن تخريج المسألة على قولين يدل على نقصان الآلة، وقلة العلم، حتى لم يعرف الحق من القولين، ويحتاج أن يخرج المسألة على قولين.
وهذا خطأ؛ لأن ما ذكر عن الشافعي فيه قولان -: على وجوه، ليس في شيء منها ما يتوجه عليه اعتراض:
فمنها: أن يذكر قولًا في القديم، ثم يذكر قولًا آخر في الجديد، فيكون مذهبه الثاني منهما، والأول مرجوع عنه، ويكون القولان له - رحمه الله - كالروايتين عن الإمامين أبي حنيفة، ومالك، وسائر الفقهاء رحمهم اللَّه.