ويندرج في هذه القواعد عدة قواعد:
١ - منها قولهم: " الأعمل بقاء ما كان على ما كان "، ومن أمثلة ذلك: من تيقن الطهارة، وشك في الحدث فهو متطهر، أو تيقن في الحدث وشك في الطهارة فهو محدث.
٢ - ويدخل فيها قاعدة أخرى: " من تيقن الفعل وشك في القليل أو الكثير حمل على القليل "، لأنه المتيقن، اللهم إلا أن تشغل الذمة بالأصل فلا تبرأ إلا بيقين، وغير ذلك.
* * *
[القاعدة الخامسة: الأمور بمقاصدها:]
الأمور: جمع أمر، وهو لفظ عام للأفعال والأقوال كلها، ومنه قوله تعالى:
(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) ، وقوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) ،
وقوله تعالى: (وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧) .
أي: ما هو عليه من قول أو فعل.
ثم إن الكلام على تقدير مقتضى، أي: أحكام الأمور بمقاصدها؛ لأن علم الفقه إنما ييحث عن أحكام الأشياء، لا عن ذواتها.
والأصل في هذه القاعدة: قوله - صلى الله عليه وسلم -:
" إنما الأعمال بالنيات "
حديث صحيح.
وهذه القاعدة تجري في كثير من الأبواب الفقهية، قال ابن مهدي:
حديث النية يدخل في ثلاثين بابًا من الفقه، وقال الشافعي يدخل في سبعين.
ومن الأبواب الفقهية التي يجري فيها هذه القاعدة: المعاوضات، والتمليكات المالية، والإبراء، وتجري في الوكالات، وإحراز المباحات، والضمانات، والأمانات، والعقوبات، وقد شرعت النية لتمييز العبادات من العادات، وتمييز رتب العبادات بعضها من بعض.
ومن ثم ترتب على ذلك أمورٌ.
أحدها: عدم اششراط النية في عبادة لا تكون عادة، أو لا تلتبس بغيرها، كالإيمان باللَّه تعالى، والمعرفة، والخوف، والرجاء.
الثاني: اشتراط التعيين فيما يلتبس دون غيره، قال في شرح المهذب: ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -:
" وإنما لكل امرئ ما نوى "
فهذا ظاهر في اشتراط التعيين، لأن أصل النية فهم من أول الحديث.