الكلي، من المحافظة على العِزض، وحقوق الإنسان وكرامته.
ثم بعد ذلك نحافظ على قضية المِلْك، وهى التي بها عمارة الدنيا عند تداولها،
ذلك المال الذي إذا ما تُدُووِل، فإنه يمثل عصبًا من أساسيات الحياة.
* * *
[نماذج لثمرة هذا الترتيب:]
من خلال هذا المدخل، وبتصور العلاقة القائمة بين الإسلام والمقاصد الخمسة، والتي منها الدين، ينبني عندنا أمور
١ - علاقتنا مع الآخرين في الداخل والخارج، وأنها مبنية في الداخل على الرعاية، وفي الخارج على الدعوة، وبذلك يكون خطابنا للعالمين معقولًا؛ إذ في علاقتنا مع الآخرين نبين لهم أن الإسلام هذا أوسع من أن يكون دينًا، إذ هو خطاب اللَّه للبشر،
وخطاب الله للبشر يشتمل على ما يمكن للإنسان أن يقيم به حضارة، وعلى ما يمكن أن يعمر به الأرض، وكذلك على ما يمكن أن يعْبد به اللَّهَ سبحانه وتعالى، ويُطيع أوامره تفصيلَا، لا إجمالًا، وعلى ذلك فلا بد لمن في الداخل أن يندرجوا تحت ذلك الإسلام وحضارته، حتى وإن لم يندرجوا تحت ديننا.
ومن هنا يتبين لنا أن هذا الإسلام يشتمل على:
١ - دين يختص به من أسلم، وآمن بالله ورسوله.
٢ - ودولة تحافظ على الناس، وتحافظ لهم أيضا على المقاصد الخمسة، التي منها الدين الذي أباح اللَّه سبحانه وتعالى قبول التعدُّد فيه داخل هذا النطاق، أو تحت هذه المظلة، فأباح لأهل الكتاب أن يمكثوا بيننا، وأن يصبحوا مواطنين لنا، وأن نأكل، ونشرب، ونتزوج منهم، وإن كان ديننا يمنعنا أن يتزوج رجالهم من نسائنا، وإن كان أيضا يمنعنا من بعض طعامهم، إلا أنه على مستوى الإسلام هم يعيشون بيننا،
ولغتنا واحدة، وحضارتنا واحدة، وآمالنا وآلامنا واحدة.. إلخ هـ
ذا من ناحية الآخر الذي بالداخل.
أما الآخر الذي في الخارج: فالعلاقة ييننا وبينهم مبنية أصلًا على الدعوة، وليس بيننا وبينهم علاقة سِلْم، ولا علاقة حرب، وإنما يأتي السلم والحرب عَرَضا لقضية الدعوة،
فإذا مُنْعِنَا أو تُجُبر علينا فتكون الحرب، و " آخر العلاج الكي "، وإذا لم يكن كذلك
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ... ) .