لا توجد فيه نظرية عامة للعقد، بل هو يستعرض العقود المسماة عقدًا، وعلى الباحث أن يستخلص النظرية العامة للعقد من بين الأحكام المختلفة لهذه العقود المسماة فيقف عند
الأحكام المشتركة التي تسري على الكثرة الغالبة من هذه العقود ".
وأرى أن ما يريده العلامة السنهوري رحمه اللَّه تعالى هو عين عملية التجريد المؤدية إلى التقعيد، فالاعتراض عليه لفظي، وهو تسمية ذلك المشترك بالقاعدة العامة، بدلًا من كلمة " نظرية " التي تستعمل في مضمونها، وظلال دلالتها الأجنبية على رأي مستقل عن الوحي، قابل للتغير دائمًا، مشتملًا على التجاوز كقيمة ذاتية، وهو ما ينفي
جزء وعنصر الثبات التي تشتمل عليه شريعة الإسلام.
* * *
[الفرق بين القاعدة الفقهية والنظرية الفقهية]
يرى بعض الباحثين المعاصرين في الفقه الإسلامي أن النظريات العامة مرادفة لما يسمى بالقواعد الفقهية كما جنح إلى ذلك الأستاذ الجليل محمد أبو زهرة في كتابه أصول الفقه، حيث يقول: " إنه يجب التفرقة بين علم أصول الفقه، وبين القواعد الجامعة للأحكام الجزئية، وهي التي مضمونها يصح أن يطلق عليها النظريات العامة للفقه الإسلامي، كقواعد الملكية في الشريعة، وكقواعد الضمان، وكقواعد الخيارات،
وكقواعد الفسخ بشكل عام ".
والواقع أن النظرية العامة، ودراسة الفقه الإسلامي في نطاقها أمر مستحدث طريف استخلصه العلماء المعاصرون الذين أجمعوا بين دراسة الفقه الإسلامي، ودراسة القانون الوضعي خلال احتكاكهم، وموازنتهم بين الفقه والقانون، وبوبوا المباحث الفقهية على هذا النمط الجديد، وأفردوا المؤلفات على هذه الشاكلة.
ويمكن أن تعرف النظرية العامة بأنها: " موضوعات فقهية، أو موضوع يشتمل على مسائل فقهية أو قضايا فقهية، حقيقتها: أركان وشروط وأحكام، تقوم بين كل منها صلة فقهية تجمعها وحدة موضوعية تحكم هذه العناصر جميعًا ".
وذلك كنظرية الملكية، ونظرية العقد، ونظرية الإثبات، وما شاكل ذلك.
فمثلًا نظرية الإنبات في الفقه الجنائي الإسلامي تألفت من عدة عناصر، وهي المواضيع التالية: حقيقة الإثبات، الشهادة، شروط الشهادة، كيفية الشهادة، الرجوع عن