ولقد توفي الكسائي ومحمد بن الحسن في يوم واحد، فقال الرشيد: ذهب اليوم اللغة والفقه، وماتا بالري.
* *
[كتب محمد بن الحسن ومصنفاته:]
قال الشيخ الكوثري - رحمه الله -: لم يصل إلينا من أي عالم في طبقته، كتب في الفقه قدر ما وصل إلينا من محمد بن الحسن، بل كتبه هي العماد للكتب المدونة في فقه المذاهب.
ولا يخفى مبلغ استمداد الكتب المدونة في المذاهب من كتب محمد بن الحسن، فالأسدية التي هي أصل المدونة في مذهب مالك إنما ألفت تحت ضوء كتب محمد، والشافعي إنما ألف قديمه وجديده بعد أن تفقه على محمد، وكتب كتبه، وحفظ منها ما حفظ، وابن حنبل كان يجاوب في المسائل من كتب محمد، وهكذا من بعدهم من الفقهاء.
فأكبر ما وصل إلينا من كتب محمد هو كتاب الأصل المعروف بالمبسوط، وهو الذي يقال عنه إن الشافعي كان حفظه، وألف الأم على محاكاة الأصل، وأسلم حكيم من أهل الكتاب بسبب مطالعة المبسوط هذا قائلًا:
" هذا كتاب محمدكم الأصغر فكيف كتاب محمدكم الأكبر "؟!!
وهو في ستة مجلدات، وكل مجلد منها
نحو خمسمائة ورقة يرويه جماعة من أصحابه مثل أبي سليمان الجوزجاني، ومحمد بن سماعة التميمي، وأبو حفص الكبير البخاري، وقد قدر اللَّه سبحانه ذيوعًا عظيمًا لهذا الكتاب الذي يحتوي على فروع تبلغ عشرات الألوف من المسائل في الحلال والحرام،
لا يسع الناس جهلها، وهو الكتاب الذي كان أبو الحسن بن داود يفاخر به أهل البصرة، وطريقته في الكتاب سرد الفروع على مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف، مع
بيان رأيه في المسائل، ولا يسرد الأدلة حيث تكون الأحاديث الدالة على المسائل بمتناول جمهور الفقهاء من أهل طبقته، وإنما يسردها في مسائل ربما تعزب أدلتها عن علمهم فلو جُودت الآثار من هذا الكتاب الضخم تكون في مجلد لطف.
ومما وصل إلينا من كتبه: الجامع الصغير، وهو كتاب مبارك مشتمل على نحو ألف وخمسمائة واثنتين وثلاثين مسألة