الفصل الثامن
مقاصد الشريعة الإسلامية
[تمهيد:]
الدِّين: قال الإمام الرازي: " أصل الدين، في اللغة: الجزاء، ثم الطاعة تسمى دينا؛ لأنها سبب الجزاء ".
وأما الإسلام: ففي معناه في أصل اللغة ثلاثة أوجه:
الأول: أنه عبارة عن الدخول في الإسلام، أي: في الانقياد والمتابعة، قال تعالى:
(وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا) .
الثاني: من أسلم أي دخل في السلْم كقولهم: (أسني، وأقحط) ، وأصل السلْم: السلامة.
والثالث: قال ابن الأنباري: " المسلم معناه: المخلص لله عبادته من قولهم: سلم الشيء لفلان أي خلص له ".
فالإسلام معناه: إخلاص الدين والعقيدة لله تعالى.
هذا ما يتعلق بتفسير لفظ الإسلام في أصل اللغة.
أما في عرف الشرع: فالإسلام هو الإيمان، والدليل عليه وجهان:
الأول: قوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) ، يقتضي أن
يكون الدين المقبول عند الله ليس إلا الإسلام، فلو كان الإيمان غير الإسلام وجب أن لا يكون الإيمان دينا مقبولًا عند الله، ولا شك في أنه باطل.
الثاني: قوله تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) .
فلو كان الإيمان غير الإسلام لوجب أن لا يكون الإيمان دينا مقبولا عند اللَّه تعالى..
ا. هـ ما أردته.
وقال الإمام القرطبي في تفسيره: " قوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) الدين في هذه الآية: الطاعة، والملة والإسلام، بمعنى: الإيمان والطاعات،
قاله أبو العالية، وعليه جمهور المتكلمين.