[الإسلام دين وحضارة]
الإسلام دين عالمي ينظم البشر جميعًا، ولا يمكن أن يحصر في قوم بعينهم، وهذه العالمية التي تستوعب كل الطوائف بما لا يتعارض مع الدين، جعلت علاقة الإسلام بالبشر جميعًا على مستويين:
الأول: أن يؤمنوا به ويدخلوا فيه.
وبالتالي يدخلون تحت مظلة المقاصد الخمسة كلها.
الثاني: أن يحترموه، ويتركوه يسعى للوصول بين الناس، فيكفوا أيديهم عن
المسلمين، ويندرجوا تحت حضارته المتمثلة في نظام الحياة المتحقق بمقاصده دون الدين.
ومن هنا يلقي الإسلام بحضارته في الأرض من خلال شقيه (الوحي والوجود) ، الأمر الذي تنتفي معه أية تبعية للغير، فضلًا عن تحطيم كل دعاويهم التي يروجونها في العالم عامة، وبين الأمة الإسلامية خاصة، فلا نرتمي في أحضان الغير بدون أساس فنفقد هويتنا، وحضارتنا، وكل مقوماتنا.
أضف إلى ذلك: أن هذه الكليات الخمس - كما وضعوها - قد أقرت في جميع الأديان، بمعنى أنها مُقَرَّة في أصل الخلقة ابتداء من آدم - صلى الله عليه وسلم -، وخطاب اللَّه تعالى له، وانتهاء بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وخطاب اللَّه تعالى له، وفي هذه المسيرة خاطب اللَّه البشرية بأن
يحفظوا هذه المناحي الخمسة.
ونحن نتفق - كمسلمين لنا شرعة خاصة في جانب الدين - مع باقي الأمم في
أربعة من هذه المقاصد، ونختلف معهم في قضية الدين، مع أننا نقرهم كذلك على حفظ أصله، وهو أن يكون للإنسان دين يؤمن من خلاله بأن هناك منهجا يوصل إلى رضا الله - عز وجل -.
ويتفرع على هذه المسألة، ويتضح لنا: أن الإسلام دين ودولة، دين بالمعنى الأخص الذي بيَنَّاه فيما سبق، ودولة تحافظ على المقاصد الأربعة الباقية.
مع ملاحظة أن الدين وإن تأخر في هذا الترتيب؛ لأنه لا يقوم إلا بقيام النفس
والعقل، إلا أن أحكامه تضرب بظلالها وأطنابها على المقاصد كلها، بما يجعلها لا تقوم إلا به؛ إذ أن الوحي هو الحاكم المنظم للوجود، مما يؤكد أن المندرج تحتها متحقق بالإسلام حضارة ودولة، ومن هنا ينصاع لأحكامه وإن لم يدينوا بديانته.