وهناك مستثنيات من القاعدة، ومن المعلوم أن الفروع الخارجة عن القاعدة على نوعين:
١ - إما أنها منها، ولكن منع مانع من أخذ حكمها، وتسمى مستثناة من القاعدة.
٢ - وإما أنها يُظَنُّ بها اندراجها ببادئ الرأي، ثم عند التأمل يظهر أنها ليس من فروع القاعدة.
فمثال النوع الأول: القادر على صوم بعض يوم دون كله، لا يلزمه إمساكه.
وهنا نرى أن ذلك الفرع من فروع القاعدة، ولكن منع من اندارجه تحت حكمها التناقض الحاصل عند تصور ذلك الاندراج، لأن الفطر إن تم في أول اليوم، والإمساك في آخره، لم يحصل الامتثال في تحقيق الأمر بالإمساك من الفجر إلى الغروب، وإن وقع آخر اليوم أبطل أوله.
ومثال الثاني: واجد بعض الرقبة في الكفارة لا يعتقها، بل ينتقل إلى البدل بلا خلاف، ولو حللنا ذلك الفرع لوجدناه أيضًا به محل:(الرقيق) - أداة:(بعض الرقبة) الفعل: (الإعتاق) .
ويلاحظ هنا اتحاد المحل والأداة، ولكن ليس هذا هو الذي أخرج الفرع عن اندراجه تحت حكم القاعدة، بل قاعدة أصولية أخرى تمنع من استنباط معنى من النص يَكِر عليه البطلانُ، لأن ذلك يذهب بمقاصد الشرع الشريف من التشريع، فلو عتق بعض الرقيق لا يتم الامتثال بإعتاق الرقبة، مع إمكان الانتقال إلى خصلة أخرى من خصال الكفارة.
وهنا الانتقال مأمور به في الشرع، وعليه فليس الفرع من قضية الإعسار التي تشتمل عليها القاعدة، ولذلك يصلح أن نقول إنه ليس من فروعها.
لابد إذن من الاهتمام بعملية التجريد، وعمل المزيد من الدراسات حولها، لأنها تمثل آليات يمكن أن تساعد في عملية الاجتهاد، وفي عملية فهم القواعد وتشغيلها، أي: في عملية الإلحاق بها.