ولم يكتب أحد إلى الآن في هذه العملية بالتفصيل، وإن كانت مباحث المنطق
العربي من ناحية، ومسالك العلة في باب القياس من علم أصول الفقه خاصة تنقيح المناط، والسبر، والتقسيم من ناحية ثانية، ومباحث العلل في النحو العربي من ناحية أخرى، تساعد كثيرًا في رسم ملامح وخطوات التجريد.
كما يساعد على صياغتها دراسات تحليل المضمون، وعلم الدلالة (السيمانتيك) ،
وعلم النص والخطاب في جانبه اللغوي في الدراسات المعاصرة.
إن لدينا عددًا كبيرًا من الفروع الفقهية، فكتاب المغني لابن قدامة وهو شرح على مختصر الخرقي يشتمل على (٢٠٢٧) مسألة، على أن كل مسألة لها فروع، ولكل فرع صور مختلفة.
ونرى اختلاف العادين لجمل الفقه في ضوء الأنوار في شرح المنار لحسين بن إبراهيم ابن حمزة بن خيل الأولوي، حيث يقول عند ترجمته للإمام أبي حنيفة: قال مولانا درة في حاشيته على شرح التفتازاني:
قال الإمام صدر الأئمة:
" بلغت مسائل أبي حنيفة خمسمائة ألف مسألة،
مع ما أودع في كتبه من المسائل الغامضة المبنية
على خفيات النحو، وأسرار العربية، ودقائق الحساب ".
وذكر الخطيب الخوارزمي: أنه وضع ثلاث آلاف وثمانين مسألة.
وقيل: ستين ألف مسألة ذكره في الانتصار.
وذكر في العناية شرح الهداية ما وضعه أصحابنا من المسائل الفقهية: ألف ألف ومائة وسبعون ألف ونيف مسألة) ..
انتهى ما أردته.
وأقول: إن هذا العدد الضخم إنما هو باعتبار الصور والتفاريع، على أنه يحتاج إلى تلك القرون التي سادت فيها عملية التقعيد بآليات التجريد التي أشرنا إليها.
ونلاحظ أن القواعد قد بدأت بعدد قليل (سبع عشرة قاعدة في رواية من نسبها إلى أبي طاهر الدباس الحنفي، وخمس قواعد عند القاضي حسين ...
إلخ) ، وسبع وثلاثين قاعدة في رسالة أبي الحسن الكرخي، ثم بدأت في الزيادة حتى يقول تاج الدين