من المعلوم أن " الفقه " علم مستقل، و " أصول الفقه " علم مستقل، ولكل منهما قواعده على رغم وجود الارتباط الجذري الوثيق بينهما بحيث لا ينفك أحدهما عن الآخر.
والإمام القرافي يعتبر أول من ميز بين القاعدة الأصولية والقاعدة الفقهية، فقد جاء في مقدمة الفروق ما يلي:" فإن الشريعة المعظمة المحمدية - زاد اللَّه تعالى منارها شَرَفًا وعلوًا - اشتملت على أصول وفروع، وأصولها قسمان:
أحدهما: المسمى بأصول الفقه، وهو في غالب أمره ليس فيه إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العريية خاصة، وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيع،
ونحو الأمر للوجوب والنهي للتحريم، والصيغة الخاصة للعموم ونحو ذلك.
والقسم الثاني: قواعد فقهية كلية، كثيرة العدد، عطمة المدد، مشتملة على أسرار الشرع وحكمه، لكل قاعدة من الفروع في الشريعة ما لا يحصى، ولم يذكر شيء منها في أصول الفقه، وإن اتفقت الإشارة إليه هنالك على سبيل الإجمال فبقى تفصيله لم يتحصل.
ونوه بها في موضع آخر بقوله: " فإن القواعد ليست مستوعبة في أصول الفقه، بل للشريعة قواعد كثيرة جدًّا عند أئمة الفتوى والقضاء لا توجد في كتب الفقه أصلًا ".
وإذا أجرينا موازنة عامة بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية تبين لنا عدة أمور قد تعد فوارق رئيسية بين المصطلحين:
١ - إن علم أصول الفقه بالنسبة للفقه ميزان وضابط لاسثنباط الصحيح من غيره، شأنه في ذلك علم النحو لضبط النطق والكتابة، وقواعد هذا الفن هي وسط بين الأدلة والأحكام، فهي التي يستنبط بها الحكم من الدليل التفصيلي، وموضوعها دائمًا الدليل
والحكم، كقولك: الأمر للوجوب، والنهي للتحريم، والواجب الخُيَّر يُخرج المكلف عن العهدة فيه بفعل واحد مما خُيِّر فيه.
أما القاعدة الفقهية فهي قضية كلية، أو أكثرية، جزئياتها بعض مسائل الفقه، وموضوعها دائمًا هو فعل المكلف.