انتهى كلام الشيخ تقي الدين، وهو موافق لما قلناه واللَّه أعلم.
وقد ذكرت المصنفات التي نقلت هنا منها في كتاب الإنصاف، وفيها بحمد اللَّه كفاية.
* * *
[اختلاف الترجيح:]
ظاهر قوله: " فإن اختلف الترجيح أطلقت الخلاف " أن اختلاف الترجيح يكون بين الأصحاب، وهو المتبادر إلى الفهم، ويشكل على ذلك أشياء:
أحدها: أنه يقول في كتابه في غير ما موضع: " فعنه يكون كذا اختاره الأصحاب، وعنه لا "، كما ذكره في باب المسح على الخفين وباب الحجر.
أو يقول: وهل يكون الحكم كذا، اختاره الأصحاب، أو كذا، فيه روايتان، كما ذكره في باب ما يفسد الصوم.
أو يقول: يكون الحكم كذا في رواية اختارها فلان، أو كذا في رواية اختارها الأصحاب، كما ذكره في باب ما يفسد الصوم أيضًا، مع أن في كلام المصنف في هذه المسألة نظرًا من ثلاثة أوجه يأتي بيانها في محلها.
وكذا الذي في باب الحجر.
أو يقول: يكون الحكم كذا في رواية اختاره الأصحاب، وكذا في رواية، كما ذكره في باب محظورات الإحرام وما أشبه ذلك.
فأين الاختلاف بين الأصحاب في الترجيح، وهو قد قطع بأن الأصحاب قد اختاروا إحدى الروايتين،
فيمكن الجواب بأن يقال: هذه الصيغ ليست من الخلاف المطلق، وهو ضعيف.
والصواب أن يقال: بقرينة قوله " اختاره الأصحاب ": انتفى إطلاق الخلاف الذي اصطلح عليه، ويكون المذهب ما قاله الأصحاب، وإنما أتى بهذه الصيغة لتدل على قوة الرواية الأخرى عندهم حتى تقاوم ما اختاره الأصحاب كما تقدم التنبيه عليه، ويكون
كقوله: " فعنه كذا، والمذهب أو الأشهر كذا " واللَّه أعلم.
الثاني: أنه يطلق الخلاف، ثم يقول: " والأشهر كذا، أو المشهور كذا ونحوه "، فدل أن ذلك أكثر ترجيحا، وأشهر بين الأصحاب.
والجواب كما تقدم، ويزاد هنا بأن بعض الأصحاب قد اختار غير الأشهر، فاختلف الترجيح، ولكن بعضه أشهر.
الثالث: أنه يقول في بعض المسائل بعد إطلاق الخلاف: والترجيح مختلف.