وعن أبي عاصم النبيل قال: كان أبي حنيفة يسمى الوتد لكثرة صلاته.
وعن قيس بن الربيع قال: كان أبو حنيفة ورعًا فقيهًا، كثير البر والصلة لكل من لجأ إليه، كثير الإفضال على إخوانه، وكان يبدث البضائع إلى بغداد فيشترى بها الأمتعة، ويجلب إلى الكوفة، ويجمع الأرباح من سنة إلى سنة فيشترى بها حوائج الأشياخ المحدثين، وأثوابهم، وكسوتهم، وما يحتاجون إليه، ثم يعطهم باقي الدنانير من
الأرباح، ويقول أنفقوها في حوائجكم، ولا تحمدوا إلا اللَّه تعالى فإنه واللَّه مما يجريه اللَّه لكم على يدي، فما في رزق اللَّه حول لغيره.
* * *
[إسناد الإمام أبي حنيفة في الفقه:]
قال اللكنوي:" اعلم أن مذهب أبي حنيفة أكئره مأخوذ عن الصحابة الذين نزلوا بالكوفة، ومن بعدهم من علمائها، وكان ألزم بمذهب إبراهيم، عظيم الشأن في التخريج على مذهبه ".
قال أبو حنيفة: دخلت على أبي جعفر أمير الموُمنين، فقال لي: يا أبا حنيفة عن من أخذت العلم؟.
فقلت: عن حماد (يعني ابن أبي سليمان) عن إبراهيم (يعني النخعي) عن عمر
ابن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس.
فقال أبو جعفر: بخٍ بخٍ استوفيت يا أبا حنيفة.
قال مسروق بن الأجدع التابعي الكبير:" وجدت علم أصحاب محمد (ينتهي إلى ستة: إلى علي، وعبد اللَّه (يعني ابن مسعود) ، وعمر، وزيد بن ثابت، وأبي الدرداء، وأبي بن كعب، ثم وجدت علم هؤلاء الستة انتهى إلى: علي، وعبد اللَّه ".
وقال ابن جرير:" لم يكن أحد له أصحاب معروفون حرروا فتياه ومذاهبه في الفقه غير ابن مسعود، وكان يترك مذهبه وقوله لقول عمر، وكان لا يكاد يخالفه في شيء من مذاهبه، ويرجع من قوله إلى قوله ".