وقانون الآثار المصري المعمول به الآن، يحدد مائة سنة سابقة عن الآن حتى نعتبر الشيء في عالم الأشياء أثرًا.
وقديمًا كان عصر الخديوي إسماعيل هو الحد الفاصل في مسألة الآثار، وهو عصر يعد نقطة فارقة في تاريخ مصر، وفي تاريخ الشرق المسلم، تغير فيه كل شيء، وأراد الخديوي إسماعيل أن يخرج مصر من سياقها التاريخي لتصبح قطعة من أوربا، فجاءها خير كثير من هذا، وجاءها شر أيضًا.
حدث هذا التغير، وحدث معه شيء كثير من الاضطراب: الاجتماعي،
والسياسي، والاقتصادي، والثقافي في مصر.
فقد غَيَّر الخديوي إسماعيل نمط حياة الإنسان المصري، غَيَّر برنامجه اليومي..
غَيَّر التقويم من الهجري إلى الميلادي..
غَئر الساعة من العربي إلى الأفرنجي..
غَيَّر الأزياء..
غَيَّر نمط المعيشة.
وقبله بدأ محمد علي التعليم الموازي، فترك الأزهر على حاله وأنشأ - موازيًا له - تعليما سماه التعليم المدني، وأرسل البعثات إلى أوربا فحدث بعد ذلك ما أسميناه بازدواجية التعليم، وأصبح هناك من يدري الشرع ويطلع على التراث، ومن يستطع أن يتعامل معه، وهناك أيضًا من أصحاب العلوم والفنون من لا يستطيع أن يتعامل مع هذا التراث، وسمي الأول بالسلفي، والآخر بالعصري، وأصبحت هناك معركة، ما كنا
نود أن تكون، لون ما أسموه بالأصالة والمعاصرة، حتى أطلق عليها بعضهم:" المعركة بين الطربوش والعمامة " على سبيل الرمز، وظل هذا التخالف في ازدياد إلى عصر الخديوي إسماعيل.
لقد كانت ساعاتنا ساعات غروبية تتسق مع العبادة، وتنضبط الساعة مع أذان المغرب على الساعة ١٢، فنعرف الساعة الأولى من الليل، والساعة الثانية من الليل، والساعة الثالثة من الليل، فعندما نقرأ حديث البخاري: " أن من اغتسل يوم الجمعة