كما ذكره في باب زكاة الفطر، وباب الإحرام وليس فيه غيرهما، وهل هذا إلا تحصيل الحاصل.
ويمكن الجواب بأنه قال ذلك تأكيدًا، وفيه نظر لقلة ذكره لهذه الصيغة.
أو يقال: ذكر ذلك لنكتة خفيت على بعض الأصحاب، فصرح بذلك ليعلم، أو ليحصل الاعتناء، والتنبيه على تحريرها.
أو يقال: لم يستحضر المصنف حال ذكر ذلك ما اصطلح عليه في الخطبة وهو
الظاهر، أو حرر الخطبة بعد فراغه من الكتاب.
ويحتمل أن يكون الترجيح في الموضعين باعتبار سببين فيحمل كل واحد على
محمل، وهو بعيد، واللَّه أعلم.
الرابع: أنه يطلق الخلاف في مسائل لم يعلم للأصحاب فيها كلام كما ذكره في باب إزالة النجاسة في ماهية الزياد والعنبر من أي شيء هما، وكما وقع له في باب صلاة التطوع في حذف ياء الثماني، هل هو خطأ أو شاذ، وكما ذكره في باب صوم التطوع
في تسمية يوم التروية ويوم عرفة، وكما ذص هـ في قول عائشة - رضي الله عنها -: "كان يصوم شعبان كله "
هل المراد غالبه، أو كله، وكما ذكره في سورة القدر هل هي مكية أو مدنية
في الباب المذكور، وكما ذكره في باب الاعتكاف في
(
خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ) ، وكما ذكره في باب المواقيت في الأفقي نسبة هل هو بضم الهمزة والفاء أو بفتحهما، وكما ذكره في كتاب البيع في ضبط المجر هل هو بفتح الجيم أو كسرها.
ويمكن الجواب عن ذلك بأن يقال: لا نسلم أن الأصحاب ليس لهم في هذا الكلام لا سيما في يوم عرفة والتروية، فإن الخلاف فيهما مشهور بين العلماء، ولا يلزم من عدم اطلاعنا على ذلك عدم اطلاعه، وهو ثقة فيما ينقل.
أو يقال: سلمنا أن الأصحاب لشى لهم كلام في ذلك، ولكنه لما رأى هذه
الأقوال، ولم يترجع عنده أحدها أطلق الخلاف فشابه ما اختلف ترجيح الأصحاب فيه، واللَّه أعلم، ولكن فيه نوع اشتباه.
الخامس: أن يقول في بعض المسائل: فقيل كذا، أو فقال فلان كذا، أو ففي الكتاب الفلاني كذا، ويقتصر عليه كما تقدم التنبيه عليه، ومسألة كراهة إمامة قوم أكثرهم له كارهون مثل ذلك على بعض النسخ فما ثم هنا خلاف ألبتة حتى يختلف الترجيح فيه.