ومع عملية التجريد بالسعي لإدارك الكلي، وإسقاط المشخصات تخرج بأن الباقي من الأداة (السترة) حكمه الفعل (الستر به) ، وهو عين ما توصلنا إليه في الفرع الأول.
وإذا تأملنا الثالث: نجد أن الصورة تتكون أيضًا من فعلْ وهو القراءة، ومحل: وهو: اللسان، وأداة: وهي حروف الفاتحة.
وتجد أن ما يعيق الإتمام هنا قد يكون راجعًا إلى خلل في الفعل حيث لا يقدر لأي عارض عن القراءة، أو راجعًا إلى المحل بوجود آفة في اللسان، أو الأداة بخلل في تحصيل حروف الفاتحة لعدم حفظ، أو فهم، أو استرجاع.
وترى الحكم عند وجود أي من هذه الأنواع من الخلل أنه يأتي بما يستطيع، أي أن الباقي حكمه الفعل.
والفرع الرابع: يحلل إلى: محل: وهو: ستون مسكينًا، وأداة: وهي الطعام، وفعل: وهو الإطعام، وقد يكون الخلل راجع إلى المحل حيث لا يوجد إلا ثلاثون، أو الأداة حيث لا يملك أو لم يجد إلا ما يطعم الثلاثين، أو الفعل وهو عدم القدرة على توصيل الطعام إلا إلى الثلاثين، وترى الحكم في كل ذلك إنما هو أن الباقي حكمه الفعل.
وعلى ما تقدم يمكن جمع هذه الفروع كلها تحت قاعدة واحدة مؤداها أن الباقي من المحل أو الأداة أو الفعل حكمه الإيقاع.
ثم يأتي دور الصياغة، وهي: تحويل ذلك إلى عبارة تشتمل على محسنات بلاغية، أو بديعية، وهي ما أسماها العلماء بعملية الترقيق والتنميق.
فالترقيق: صوغ المعنى بعبارة بليغة.
والتنميق: إدخال المحسنات البديعية ليسهل انتشارها وحفظها، وترى هنا (الميسور لا يسقط بالمعسور) عبارة وجيزة، وبها سجع بين الميسور والمعسور، وفيها مقابلة وطباق بينهما.