للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاعدة عند محققي الفقهاء أن المسائل على أربعة أقسام:

١ - قسم تقرر في ظاهر المذهب، وحكمه أنهم يقبلونه في كل حال، وافقت

الأصول، أو خالفت.

٢ - وقسم هو رواية شاذة عن أبي حنيفة وصاحبيه، وحكمه أنهم لا يقبلونه إلا إذا وافق الأصول.

٣ - وقسم هو تخريج المتأخرين اتفق عليه جمهور الأصحاب، وحكمه أنه يفتون به على كل حال.

٤ - وقسم هو تخريج منهم لم يتفق عليه جمهور الأصحاب، وحكمه أن يعرضه المفتي على الأصول والنظائر من كلام السلف، فإن وجده موافقًا لها أخذ به وإلا تركه..

انتهى كلام الدهلوي.

ولعلك تتفطن من هذا البحث أنه ليس كلُّ ما في الفتاوى المعتبرة المختلطة -

كالخلاصة، والظهيرية، وفتاوى قاضيخان، وغيرها من الفتاوى التي لم يميز أصحابها بين المذهب والتخريج وغيره - قولَ أبي حنيفة وصاحبيه، بل منها ما هو منقول عنهم،

ومنها ما هو مستنبط الفقهاء، ومنها ما هو مخرج الفقهاء، فيجب على الناظر فيها أن لا يتجاسر على نسبة كل ما فيها إليهم، بل يميز بين ما هو قولهم وما هو مخرج من بعدهم، ومن لم يميز بين ذلك وبين هذا أشكل الأمر عليه.

ألا ترى في مسألة العشر في العشر في بحث الحياض، فإن الفتاوى مملوءة من اعتباره والفتوى عليه، مع أنه ليس

مذهب صاحب المذهب، إنما مذهبه كما صرح به محمد في " الموطأ " وقدماء أصحابنا هو: أنه لو كان الحوض بحيث لا يتحرك أحد جوانبه بتحريك الجانب الآخر لا يتنجس بوقوع النجاسة فيه، وإلا يتنجس.

ومن لم يتقنه وظن أنه مذهب صاحب المذهب

تعسر عليه الأمر في تأصيله على أصل شرعي معتمد عليه، وقد حققت هذا البحث بما لا مزيد عليه، في " شرح الوقاية " فليراجع.

وإذا عرفت هذا فحينئذ يسهل الأمر في دفع طعن المعاندين على الإمام أبي حنيفة وصاحبيه، فإنهم طعنوا في كثير من المسائل المدرجة في فتاوى الحنفية أنها مخالفة للأحاديث الصحيحة، أو أنها ليست متأصلة على أصل شرعي ونحو ذلك، وجعلوا ذلك ذريعة إلى طعن الأئمة الثلاثة، ظنًّا منهم أنها مسائلهم ومذاهبهم، وليس كذلك،

بل هي من تفريعات المشايخ، استنبطوها من الأصول المنقولة عن الأئمة، فوقعت

<<  <   >  >>