لكنهم ليسوا بمثابة أصحاب تلك المختصرات من الفقاهة.
قال اللكنوي: "واعلم أن المتأخرين قد اعتمدوا على المتون الثلاثة الوقاية،
ومختصر القدوري، والكنز.
ومنهم من اعتمد على الأربعة: الوقاية، والكنز،
والمختار، ومجمع البحرين.
وقالوا: العبرة لما فيها عند تعارض ما فيها، وما في غيرها،
لما عرفوا من جلالة قدر مؤلفيها، والتزامهم إيراد مسائل ظاهر الرواية، والمسائل التي اعتمد عليها المشايخ ".
قال الشيخ بخيت: مع خُلُوِّ مختصرات المتأخرين عن الإسناد والحجة، وعدم
سلامة كلامهم عن نوع تغيير، وخلطٍ، وتصرُّفٍ في التعبير، ربما أدى إلى خلل في المعنى المراد، فلا يعتمد عليها مثل الاعتماد على المختصرات المتقدمة.
وإنما يعمل بما فيها من المسائل الضروريات والمشهورات، وما قد صحح نقله في المذهب، اعتمادًا على الشهرة، أو ظهور الصحة، أو ابتنائه على موافقته للأصول، ودلالة الدلالة عليه، لا لأنه أورده واحد من أصحاب هذه الكتب، فضلًا عن المختصرات التي صنفها من دونهم.
ألا ترى أن كتاب " الدرر "، و " الغرر "، و " الملتقى "، و " الوقاية "،
و"الكنز "، وأمثالها مشحونة بآراء المتأخرين؟.
وأما ما اشتهر على ألسنة كثير من الحنفية، وفي كتب بعض المتأخرين من قولهم:
" إن أفضل الكتب هو خلاصة الفتاوى، ثم فتاوى قاضيخان، ثم المحيطان، والذخيرة، والملتقط، والخزانة، والقنية " -: فهو تَحَكُّم محض، ومجرد تخمين، صدر عن هوى،
فإنه كيف يصح أن يقال ذلك، وهو يستلزم أنها أفضل من الصحيحين في الحديث.
فلو قلتَ: المراد أنها أفضل كتب الفقه.
قلنا: ماذا تصنع في كتب محمد بن الحسن، وما ذكرناه من المتون المعتبرة، فإن هذه أصح وأثبت وأوثق من ذلك.
فتعين أن يكون المراد أنها أفضل الكتب من نوعها لكثرة اشتمالها على مسائل
الحوادث النادرة الوقوع، بقطع النظر عن صحة ما فيها وثبوته، فإن الأفضلية هي الزيادة الصادقة بما ذكرناه.