مجلدات، اعتمد فيه على اختيارات ابن عبد السلام، وزاد عليه القول في كثير من الفروع، وحل مشكلاته، فكان أحسن الشروح، وأكثرها فروعًا وفوائد، كما قاله الحطاب.
ثم اختصر العلامة خليل مختصر ابن الحاجب في مختصره الشهور، ومن ذلك
الحين أصبح مختصر خليل موضع العناية في التدريس، والإفتاء، وأصبح حجة المالكيين إلى وقتنا هذا، وما ذلك إلا لجمعه، واستيعابه، وتحريره، واعتماده، حتى إن الناصر اللقاني من شدة متابعة مؤلفه كان يقول:
" إذا عورض كلام خليل بكلام غيره، نحن خليليون: إن ضل ضللنا ".
وفى هذا المختصر يقول أبو محمد الحطاب: " هو كتاب صَغر حجمه، وكَثُر علمه، وجمع فأوعى، وفاق أضرابه جنسًا ونوعًا، واختص بتبيين ما به الفتوى.
وما هو الأرجح، والأقوى، لم تُسمح قريحة بمثاله، ولم يَنسج ناسج على منواله " اهـ.
جمعه مؤلفه في حياته إلى باب النكاح، ثم أكمل تلاميذه باقيه من مسودة المؤلف بعد موته، وباب المقاصة منه من تأليف تلميذه بهرام.
وفى هذا المختصر كثير من التردد في النقول بغير بت في الحكم، لم يكن عدم
الترجيح في هذه الأقوال ولا عدم البت في ما تردد فيه من النقول قصورًا من المصنف عن درجة الترجيح والاختيار، وإنما كان ذلك منه استنهاضًا للهمم، وإحالة على النظر والبحث، حتى يتدرب طالب الفقه على القول والتحقيق به، من غير التزام لترجيح المؤلف، حتى تتولد في نفس الطلاب الفقاهة، والتمييز بين الأقوال بالدراية والنظر،
وما هو إلا أمين جمع وتورع، ومرتبته في التخريج والترجيح تظهر في كتابه التوضيح، فقد أجال النظر، وأعمل الفكر، واستنبط، وخَرَّج، ورَجَّحَ، واختار، وانتقد، وجعل مختصره هذا واعية، ورواية لأقوال العلماء في المذاهب، وافيًا بجميع أحكامه، ولذا طار صيته في الآفاق، وأقبل عليه الطلاب، ونال حظوة لم ينلها كتاب غيره، حتى إنه
ترجم إلى اللغة الفرنسية، حين غلب حكم الإفرنج على المغرب، ولذا كان مذهب مالك مصدرًا مهمًا من مصادر القانون الفرنسي المدني والجنائي.
لشراح خليل:
قال الشيخ عبد اللَّه بن الصديق الغماري:
" ثم إن المالكية إنما اعتنوا بمختصر