للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعلم أنه قد يذكر أقوالًا في المسألة ليس فيها شيءٌ بالمنع، وإنما يذكرها لتعيين الأولى والأفضل.

وقد يتوهَّم من إطلاق المؤلف القولين من غير تشهير لأحدهما أنهما مستويان في القوة، أو الضعف، وأن المشهور فيهما غير موجود.

وليس كذلك، بل جرت عادته في كثير من المسائل أنه يترك تعيين المشهور من القولين، وهو منصوص عليه في الأصول التي ينقل منها، كالجواهر لابن شاس، وابن بشير، وغيرهما.

ومن قاعدته: أنه يجمع بين مسألتين فأكثر، ويأتي في الجميع بقولين، فيوهم ذلك أن الخلاف في تلك المسائل للقائلين من أهل المذهب، وليس كذلك.

" قالوا ": ومن قاعدة المؤلف أنه حيث يقول؟ " قالوا "، فإنه يأتي بها للتبري من عهدة دليل ذلك وصحته، أو لكونه مستضعفًا لوجه ذلك الحكم.

قال ابن عبد السلام في التيمم: " إنما يذكر المؤلف (قالوا) فيما لا يرتضيه ".

وقال في باب الغصب: " جرت عادة المؤلف إنما يأتي بصيغة (قالوا) إذا كانت

المسألة منصوصًا عليها للمتقدمين، ثم يستشكلها، وقد يأتي بها فيما لم ينص عليه المتقدمون.

وقد يعدل عن حكاية الأقوال إلى ذكر الخلاف لكونها ليست أقوالًا منصوصة.

" جماء - وقع - عن ": وما يلحق بالكلام في الأقوال: ألفاظ ذكرها المؤلف، فمنها: جاء، ومن قاعدته: أنه إذا أشكل عليه إلحاق فرع بقاعدة، أو نسبة قول إلى من نسب إليه.

ورأى غيره من الشيوخ إلحالتى ذلك الفرع بتلك القاعدة، فإنه يقول: " وجاء ".

ومن ذلك قوله: " ووقع ": أصل هذه اللفظة أنها تذكر لاستشكال محلها،

كقوله: " ووقع لابن القابسي غير طهور ".

والمؤلف تبع فيها ابن شاس، واختلف في معناها، هل هي قول لابن القابسي، أو إلزام ألزمه إياه غيره أن يقول بذلك.

وقد يأتي بها لغير هذا المعنى كقوله في الأذان: " فوقع لا يؤذنون، ووقع إن أذنوا

<<  <   >  >>