دليلًا على القولين الأولين، فيجعل صدره دليلًا على القول الأول، وعجزه دليلًا على القول الثاني فإذا صَدَّره بإثبات فالقول الأول هو: الجواز مثلًا، أو الوجوب، وإن صَدَّره بالمنع فالأول عدم الجواز، والثاني مقابل الأول، والثالث مفهوم من كلامه.
ومن قاعدته: أن ثالث الأقوال إذا كان مشهورًا، فإنه يقول: ثالثها المشهور، وإن كان المشهور غير الثالث بدأ بذكره.
وقد يجمع المؤلف مسألتين، ويحكى ثلاثة أقوال، ويكون في الأول قولين، وفىِ الثانية ثلاثة أقوال.
" ورابعها ": من قاعدة المؤلف أنه إذا ذكر قسمة رباعية، فإنه يُصَدِّر القول الرابع بإثباتين، ويقابله بنفيين، ثم بإثبات الجزء الأول من الإثباتين الأولين، ونفي الجزء الثاني
وهو القول الثاني، ثم بإثبات الجزء الثاني من الإثباتين الأولين، ونفي الجزء الأول وهو القول الثالث.
واعلم أن هذا غير مطرد في كل موقع يذكر فيه: ورابعها، فقد يكون القول الأول بالجواز، والثاني بالمنع، والثالث بالكراهة، والرابع ما ينص عليه.
فالقول بالكراهة لا يفهم من قاعدته، وإنما يفهم بالتوقيف عليه، وقد لا يذكر صَدْر القول الرابع ولا يبينه.
ومن قاعدته: أنه إذا كان في المسألة أربعة أقوال، وفي مسألة أخرى ثلاثة منها: ذكر المسألة التي فيها الثلاثة الأقوال، وذكر في المسألة الأخرى القول الرابع خاصة.
" وفيها ": من قاعدة المؤلف أنه يكنى عن المدونة بقوله: وفيها، وإن لم يتقدم لها ذكر، وذلك لاستحضارها في الذهن، وكثرة تداولها بين أهل المذهب.
وقد قيل: المدونة بالنسبة إلى كتب المذهب كالفاتحة في الصلاة، تغني عن غيرها ولا يغني عنها غيرها.
واعلم أن المؤلف لم يتقيد في قوله:" وفيها "، بالمدونة الكبرى، ولا بالتهذيب،
فتارة ينقل من المدونة، وتارة ينقل من التهذيب، ولعل ذلك لكون التهذيب قصد به البراذعي اتباع ترتيبها، والمحافظة على كثير من ألفاظها، فصار عنده بمنزلة المدونة.