تلك الاتجاهات، ومن قال بها غيره من العلماء، وذكر في غضون ذلك مباحث رائعة، وفوائد لا يستغنى عنها، فجاء كتابه هذا في أربعين كراسا بخطه الدقيق، فلو ضم هذا
الكتاب إلى الشرح وطبع لجاء منه كتاب فريد في بابه، ولا سيما إذا ضم إليهما ما كتبه ابن العماد، والجراعي.
الغنية: تأليف شيخ العصر، وقدوة العارفين: عبد القادر بن أبي صالح عبد اللَّه بن جنكي دوست الجيلي، البغدادي المشهور.
وهو مطبوع.
الفروع: تصنيف محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج المقدسي، ثم الصالحي
الراميني، شيخ الحنابلة في وقته، وأحد المجتهدين في المذهب، توفي سنة ثلاث وستين وسبعمائة.
قال في كشف الظنون: " للشيخ سمي الدين أبي عبد اللَّه محمد بن مفلح الحنبلي،
المتوفى سنة ثلاث وستين وسبعمائة، أجاد فيه، وأحسن على مذهبه.
وشرحه الشيخ الإمام أحمد بن أبي بكر محمد بن العماد الحموي سماه: المقصد
المنجح لفروع ابن مفلح ".. اهـ.
وهذا الكتاب قَلَّ أن يوجد نظيره، وقد مدحه الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة فقال: " صنف - يعني ابن مفلح - الفروع في مجلدين أجاد فيهما إلى الغاية، وأورد فيه من الفروع الغريية ما بَهَرَ به العلماء.
وقال ابن كثير: كان مؤلفه بارعًا فاضلًا متفننًا في علوم كثيرة، ولا سيما علم الفروع، وله على المقنع نحو ثلاثين مجلدة، وعَلَّقَ على كتاب المنتقى للمجد ابن تيمية" اهـ.
وطريقته في هذا الكتاب: أنه جرده من دليله، وتعليله، ويُقَدِّم الراجح في المذهب، فإن اختلف الترجيح أطلق الخلاف، وإذا قال: "في الأصح "، فمراده: أصح الروايتين.
وبالجملة: فقد ذكر اصطلاحه في أول كتابه، ولا يقتصر على مذهب أحمد، بل يذكر المجمَع عليه، والمتفِق مع الإمام أحمد في المسألة، والمخالِف له فيها من الأئمة الثلاثة وغيرهم، ويشير إلى ذلك بالرمز، ويطل النفس في بعض المباحث، وأحيانًا يتطرق إلى ذكر الاً دلة، ويذكر من النفائس ما ينبغي للفاضل أن يطلع عليه، بحيث إن كتابه يستفيد فيه أتباع كل مذهب فرحم اللَّه مؤلفه.