٤ - وفي ظل هذه الأطر العامة التي حددها الإسلام، والتي لا يقبل مخالفتها بحال يمكن بعد ذلك في مساحة كبيرة من الإباحة أن تتغير الأحكام المبنية على المصالح المُرسَلَة، وعلى الأعراف.
ولا يجوز تجاوز الأحكام الثابتة التي تحفظ القاصد الخمسة الكلية التي تُعَدُّ بمثابة
النظام العام، فلا يجوز لأي تشريع أن يحل القتل، أو الخمر، أو الزنى، أو الربا، أو السرقة، أو العدوان، أو شهادة الزور، أو الكذب، أو الظلم، أو انتهاك حقوق الإنسان بالتعذيب وغيره، أو الاعتداء على أعراض الناس، وأموالهم، وممتلكاتهم.
في حين أن الأنظمة الديمقراطية يمكن أن تقرر تحت دعوى حرية الإنسان: انتهاك الأعراض ما دام ذلك بالاتفاق، وهذا هو الفارق الكبير بين التشريع الملتزم الذي يلتزم تلك الثوابت، التي أقرها الله سبحانه وتعالى في: وحيه، وكتابه، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -،
وبين محاولة الآخرين أن يشرعوا لأنفسهم طبقًا لما يتوهمونه من النفع، أو المصلحة، أو جلب اللذات، ووسائلها للإنسان.
فالشريعة هي كلمة الله تعالى التي أوحى بها إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والنبي - صلى الله عليه وسلم - صاحب الوحيين: القرآن والسُّنَّة، التي نطق بها، أو فعلها، أو قررها.
فالقرآن وحي من اللَّه سبحانه، والسنَّة وحي غير متلو، أيْ أننا لا نتلوه في
الصلاة، إلا أن ما صَدَر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة تمامًا كالقرآن، وحكم الله تعالى هو خطاب اللَّه تعالى المتعلِّق بأفعال المكلفين بالطلب، أو التخيير.
وهذا يعني أن الحاكم هو الله، وأن القرآن والسُّنَّة وباقي الأدلة إنما هي دالّة على ذلك الخطاب الإلهي.