للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشمسِ والقمرِ وخسوفُهُما: تغيُّرهما، ونُقصانُ ضَوْئِهِما، فهما بمعنًى واحدٍ، والمشهورُ في استعمالِ الفقهاءِ أنَّ الكسوفَ للشَّمسِ والخُسوفَ للقمرِ.

وفي الاصطلاحِ: هو انحجابُ ضوءِ الشَّمسِ أو القمرِ كلِّه أو بَعْضِه بسببٍ غيرِ معتادٍ.

والكسوفُ آيةٌ من آياتِ اللهِ يُخَوِّفُ به عبادَهُ لِيَفْزَعوا إلى التَّوبةِ والاستغفارِ، قال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: ٥٩]، وصلاةُ الكسوفِ مشروعةٌ باتفاقِ المُسلمينَ، وقد تواترتْ بها السُّنَنُ الصَّحيحةُ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَصَلَاةُ الْكُسُوفِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، فَإِنْ فَاتَتْ لَمْ تُقْضَ، وَيُصَلِّى لِكُسُوفِ الشَّمْسِ وَخُسُوفِ الْقَمَرِ رَكْعَتَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا، وَرُكُوعَانِ يُطِيلُ التَّسْبِيحَ فِيهِمَا دُونَ السُّجُودِ، وَيَخْطُبُ بَعْدَهَا خُطْبَتَيْنِ، وَيُسِرُّ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَيَجْهَرُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ»، تقولُ أمُّ المؤْمنينَ عائشةُ رضي الله عنها: خَسَفَتِ الشَّمسُ في عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فصلَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالنَّاسِ، فقامَ فأطالَ القيامَ، ثمَّ رَكَعَ فأطالَ الرُّكوعَ، ثم قامَ فأطالَ القِيامَ، وهو دُونَ القيِامِ الأوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ فأطالَ الرُّكوعَ، وهو دُونَ الرُّكوعِ الأوَّلِ، ثمَّ سَجَدَ فأطالَ السُّجودَ، ثمَّ فَعَلَ في الرَّكعةِ الثَّانيةِ مِثْلَ ما فَعَلَ في الأُولَى، ثمَّ انْصَرَفَ وقدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فخَطَبَ النَّاسَ؛ فَحَمِدَ اللهَ وأَثْنَى عليه، ثم قال: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ،

<<  <   >  >>