للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ»؛ أي: ليس للوكيلِ في البيعِ أن يبيعَ لنفسِه؛ لأنَّ الإنسانَ حريصٌ بطبعِه على أنْ يشتريَ لنفسِه رخيصًا، وغرضُ المُوَكِّلِ الاجتهادُ في الزِّيادةِ، وبين الغرضينِ مضادَّةٌ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يُقِرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ»؛ أي: لا يملكُ الوكيلُ الإقرارَ على الموكِّل، وكذلك الإبراءُ من الدَّينِ، والصُّلحُ عنه وإنْ لم ينهْه الموكِّلُ؛ لأنَّ التوكيلَ في الخصومةِ يقتضي إثباتَ الحقِّ، والإقرار يقتضِي إسقاطَه؛ أمَّا إذا أذِنَ الموكِّلُ فيجوزُ؛ لأنَّه قولٌ يلزمُ به حقٌّ فأشبهَ الشِّراءَ.

«فَصْلٌ»

في الإقْرَار

الإقرارُ في اللُّغةِ: الإثباتُ، مِن قرَّ الشيءُ إذا ثبتَ.

وفي الاصطلاحِ: إخبارُ الشَّخصِ بحقٍّ عليه، فإنْ كان بحقٍّ له على غيرِه فدعوى، أو لغيرِه على غيرِه فشهادةٌ.

والأصلُ في مشروعيَّتِه من الكتابِ قولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥].

ومن السنَّةِ حديثُ أبي هريرةَ، وزيدِ بنِ خالدٍ الجهنيِّ رضي الله عنهما أنَّهما قالا: إنَّ رجلًا من الأعرابِ أتَى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، أَنْشُدُكَ اللهَ إلَّا قضيتَ لي بكتابِ اللهِ، فقال الخَصمُ الآخرُ -وهو أفقهُ منه-: نعم، فاقضِ بيننا بكتابِ اللهِ وَأْذَنْ لي،

<<  <   >  >>