وقولُه رضي الله عنه:«حَيضتينِ»؛ أيْ: يَتَقَدَّمُها طُهْرانِ، وإنَّما تُكْمِلُ القُرءَ الثَّانيَ إلى نزولِ الحيضةِ الثَّانيةِ؛ لتعذُّرِ تبعيضِ الطُّهرِ؛ إذْ لا يُعْرَفُ نِصْفُه إلا بظهورِ كلِّه، فلا بدَّ من الانتظارِ إلى أن يَعودَ الدَّمُ.
«فَصْلٌ»
في أنواعِ المعتدَّةِ وأحكامِها
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَيَجِبُ لِلْمُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ»، يجبُ للمعتدَّةِ الرَّجعيَّةِ السُّكنى والنَّفقةُ؛ لحديثِ فاطمةَ بنتِ قيسٍ رضي الله عنها أنَّها أتتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنَّ زوجي أَرْسَلَ إليَّ بطلاقي، وإنِّي سألتُ أهلَه النَّفقةَ والسُّكنى فأَبَوْا عليَّ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّه قد أَرْسَلَ إليها بثلاثِ تطليقاتٍ، فقال صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ»(١).
(١) رواه أحمد (٢٧٣٨٥)، والنسائي (٣٤٠٣)، وقولُهم: «إنَّه قد أَرْسَلَ إليها بثلاثِ تطليقاتٍ»؛ ليس معناه أنَّه طلَّقها ثلاثًا بلفظٍ واحدٍ، بل طلَّقها ثلاثَ طلقاتٍ متفرِّقاتٍ، كما جاءَ في الرِّوايةِ الأخرى عندَ النسائي (٣٢٢٢)، وفيها: «وأَرْسَلَ إليها بتطليقةٍ هي بقيَّةُ طلاقِها».