خمسةِ أقسامٍ متساويةٍ، فيُصرَفُ أحدُها على مَنْ يُصرفُ عليهم خُمُسُ الغنيمةِ، وقد مرَّ الكلامُ عليهم في الفصلِ السابقِ، وأما الأربعةُ أخماسٍ الباقيةُ، والتي كانَت لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، يُنْفِقُ عَلَى أهْلِهِ منها نفَقَةَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَجْعلُ مَا بَقِيَ في السلاحِ وَالْكُرَاعِ عُدَّةً فِي سبيلِ اللهِ؛ فإنَّها بعدَ وفاتِه صلى الله عليه وسلم تُصرفُ للمُقاتِلةِ، وهمُ الجندُ المنقطعونَ لرصدِ العدوِّ وحمايةِ الثُّغورِ، ويكونُ ذلك بتعيينِ الإمامِ لهم، وإثباتِ أسمائِهم في الديوانِ، بعدَ أنْ تجتمعَ فيهم شروطٌ؛ وهي: الإسلامُ، والتَّكليفُ، والحريةُ، والصِّحةُ، وهؤلاءِ الجندُ يُقالُ لهم: مُرتَزِقةٌ؛ لأنَّهم أرصدوا أنفسَهم للذَّبِّ عن الدِّينِ، وطلبوا الرزقَ مِن مالِ اللهِ، فيفرقُ الإمامُ عليهم الأخماسَ الأربعةَ على قدْرِ حاجاتِهم، وكذلك يصرفُ مِن هذه الأربعةِ أخماسٍ على مصالحِ المسلمين منْ إصلاحِ الحصونِ وعلى السِّلاحِ وآلاتِ القتالِ.
«فَصْلٌ»
في أحكامِ الجِزْيَة
الجزيةُ في اللُّغةِ: مشتقةٌ منَ الجزاءِ، بمعنى القضاءِ، يقالُ: جزيتُ دَيني؛ أيْ: قضيتُه، ومنه قولُه تعالى:{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}[البقرة: ٤٨]؛ أيْ: لا تَقضي، قالَ النَّوويُّ رحمه الله:«كأنَّها جزاءُ إسكانِنا إياهُ في دارِنا، وعصمتُنا دمَه، ومالَه، وعيالَه»(١).