للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الاصطلاحِ: كلُّ مالٍ أُخِذَ مِنَ الكُفَّارِ بغيرِ قتالٍ.

وذلك نحوُ المالِ الذي يتركُه الكفَّارُ فزعًا منَ المسلمين، أو يدفعوه طلبًا للصُّلحِ معَهم، وكذلك الجزيةُ، والأموالُ التي يموتُ عنها مَنْ لا وارثَ له مِنْ أهلِ الذِّمةِ، ومالُ المرتدِّ إذا قُتلَ أو ماتَ.

ودليلُ مشروعيةِ الفيءِ، قولُه تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٦، ٧].

قالَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رضي الله عنه: «كانَتْ أمْوالُ بَني النَّضِيرِ ممَا أفَاءَ اللهُ عَلى رسُولِه صلى الله عليه وسلم مِمَّا لَم يُوجِفِ المُسْلمُونَ علَيْه بخيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فكانَتْ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، وكانَ يُنْفِقُ عَلَى أهْلِهِ نفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعلُ مَا بَقيَ في السلاحِ وَالْكُرَاعِ عُدَّةً فِي سبيلِ اللهِ» (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُقْسَمُ مَالُ الْفَيْءِ عَلَى خَمْسِ فِرَقٍ، يُصْرَفُ خُمُسُهُ عَلَى مَنْ يُصْرَفُ عَلَيْهِمْ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ، وَيُعْطَى أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْمُقَاتِلَةِ وَفِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ»، يُقسمُ مالُ الفيءِ على


(١) رواه البخاري (٢٧٤٨)، ومسلم (١٧٥٧)، وقولُه رضي الله عنه: «يوجفُ»؛ منَ الإيجافِ، وهو الإسراعُ في السَّيرِ، و «الركابُ» الإبلُ، والمعنى: لم يبذلوا في أموالِ بَني النَّضيرِ سعيًا لا بالخيلِ ولا بالإبلِ، و «خاصَّةً»؛ اختصَّ بها ولم يشاركْه فيها أحدٌ، و «الكُراَعُ»: الخيلُ التي تُعدُّ للجهادِ، و «عدةً»؛ أي: استعدادًا للجهادِ، والعُدَّةُ: كلُّ ما يُعدُّ للحوادثِ مِنْ سلاحٍ وغيرِه.

<<  <   >  >>