للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«فَصْلٌ»

في المُسَاقَاة

المساقاةُ في اللغةِ: مأخوذةٌ من السَّقْيِ، وهو الرَّيُّ.

وفي الاصطلاحِ: دفعُ شجرِ النَّخِيلِ والعنبِ إلى مَن يعملُ فيه بجزءٍ مِن ثمرِه.

والأصلُ في مشروعيَّتِها حديثُ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: «دَفَعَ إِلَى يَهُودَ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا, عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَطْرُ ثمرِهَا» (١).

قال الشَّافعيُّ رحمه الله: «والمساقاةُ جائزةٌ في النَّخلِ والكَرْمِ؛ لأنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أخذَ فيهما بالخَرْصِ، وساقَى على النَّخلِ، وثمرُها مجتمِعٌ لا حائلَ دونَه، وليس هكذا شيءٌ من الثَّمرِ كلِّه دونَه حائلٌ، وهو متفرِّقٌ غيرُ مجتمعٍ، ولا تجوزُ المساقاةُ في شيءٍ غيرِ النَّخلِ والكَرْمِ (٢).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالْمُسَاقَاةُ جَائِزَةٌ عَلَى النَّخْلِ وَالْكَرْمِ، وَلَهَا شَرْطَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَدِّرَهَا بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ»، الشَّرطُ الأولُ من شروطِ


(١) رواه مسلم (١٥٥١).
(٢) «الأم» (٤/ ١١)، وقوله: «لأنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أخذ فيهما بالخَرْصِ، وساقَى على النَّخلِ»؛ أراد حديثَ عَتَّابِ بنِ أَسِيدٍ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في زكاةِ الكَرْمِ: «تُخْرَصُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، ثُمَّ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا»، والحديثُ رواه الشافعيُّ في «مسنده» (٦٦١)، وابنُ خزيمةَ في «صحيحه» (٢٣١٦).

<<  <   >  >>