للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مدةً فسدَ العقدُ، كما أنَّه لا يصحُّ قسْمِ الربحِ إلا بعدَ بيعِ جميعِ السلعِ، ورجوعِها مالًا، وإذا استردَّ المالكُ شيئًا من مالِه قبلَ ظهورِ الربحِ والخَسارةِ، رجع رأسُ المالِ إلى الباقي؛ لأنَّه لم يَتركْ في يدِه غيرَه، فصار كما لو اقتصرَ في الابتداءِ على إعطائِه له.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ إِلَّا بِعُدْوَانٍ»؛ أي: لا ضمانَ على العاملِ بتلفِ المالِ أو بعضِه؛ لأنَّه أمينٌ، فلا يضمنُ إلا بعدوانٍ منه؛ كتفريطٍ، أو سفرٍ في برٍّ أو بحرٍ بغيرِ إذنِ المالكِ، ويُقبلُ قولُه في التَّلفِ إذا أطلقَ ولم يذكرْ سببًا، أو ذكرَ سببًا خفيًّا؛ كسرقةٍ ونحوِها، ويُصَدَّقُ بيمينِه، فإذا ذكرَ سببًا ظاهرًا فلا يُقبلُ إلا ببيِّنةٍ؛ لأنَّ إقامةَ البَيِّنَةِ على السَّببِ الظَّاهرِ غيرُ متعذِّرةٍ، ولو ادَّعى ردَّ رأسِ المالِ قُبِلَ منه؛ لأنَّه مؤتمنٌ، وكذلك لو اختلفَا في جنسِ رأسِ المالِ صُدِّقَ العاملُ، فإذا اختلفَا في القدرِ المشروطِ تحالفَا، وبمجردِ التَّحالفِ ينفسخُ العقدُ، ويأخذُ المالكُ الرِّبحَ كلَّه، وللعاملِ أجرةُ المثلِ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا حَصَلَ رِبْحٌ وَخُسْرَانٌ جُبِرَ الْخُسْرَانُ بِالرِّبْحِ»، إذا حصلَ ربحٌ وخسرانٌ؛ كأنْ ربِحَ ثمَّ خسِر، أُخِذت الخَسارةُ من الرِّبحِ ما دامتِ المضَاربةُ مستمرَّةً، فإذا حصل خسرانٌ فقط فعلى صاحبِ المالِ، ولا شيءَ على العاملِ، وذلك لكي لا يخسرَ العاملُ مرتينِ: الأولى بضياعِ جهدِه وعملِه وفواتِ الرِّبحِ الذي كان يسعَى لتحقيقِه, والثَّانيةُ بتحمُّلِ خَسارةِ رأسِ المالِ.

<<  <   >  >>