عليه طلاقٌ، وإن مضت الأربعةُ الأشهرِ، حتَّى يُوقَفَ: فإمَّا أن يُطَلِّقَ، وإمَّا أن يَفيءَ» (١).
«فَصْلٌ»
في أحكامِ الظِّهار
الظِّهارُ في اللُّغةِ: مأخوذٌ من الظَّهْرِ؛ لأنَّ صورتَه الأصليَّةَ أن يقولَ الرَّجلُ لزوجتِه: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي، وخصُّوا الظَّهرَ دونَ غيرِه؛ لأنَّه موضعُ الرُّكوبِ، والمرأةُ مركوبُ الزَّوجِ، وكانَ طلاقًا في الجاهليَّةِ، فَحَكَمَ اللهُ تعالى فيه بالكفَّارةِ، وحرَّمَ الجماعَ على المتظاهِرِ حتَّى يُكَفِّرَ.
وفي الاصطلاحِ: تشبيهُ الزَّوجةِ أو جزءٍ منها بمحرَّمةٍ عليه تحريمًا مؤبَّدًا.
والظِّهارُ مُحرَّمٌ بالإجماعِ، والأصلُ في تحريِمه قولُه تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: ٢]؛ أي: تنكرُه الحقيقةُ، وينكرُه الشَّرعُ، وهو كذبٌ وبهتانٌ؛ لأنَّ الزَّوجةَ محلَّلَةٌ والأمَّ محرَّمةٌ، وتشبيهُ المحلَّلةِ بالمحرَّمةِ كذبٌ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالظِّهَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِذَا قَالَ لَهَا ذَلِكَ، وَلَمْ يُتْبِعْهُ بِالطَّلَاقِ صَارَ عَائِدًا، وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ»، إذا قال الرَّجلُ لزوجتِه: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي، ولم
(١) رواه مالك في «الموطَّأ» (١٦٠٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute