للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأورعُ منهم، فإنْ فضَلَ شيءٌ كان للباقينَ، ومثالُ التسويةِ كقولِه: بشرطِ أنْ يُصرفَ لكلِّ واحدٍ منهم مائةُ درهمٍ، ومثالُ التَّفضيلِ كقولِه: بشرطِ أنْ يُصرفَ لزيدٍ مائةٌ ولعمرٍو خمسونَ.

«فَصْلٌ»

في الهِبَة

الهبةُ في اللُّغةِ: العطيةُ التي لم يسبقْها استحقاقٌ.

وفي الاصطلاحِ: تمليكُ عينٍ بلا عوضٍ حالَ الحياةِ تطوُّعًا.

والأصلُ في مشروعيتِها من الكتابِ قولُه تعالى: {وَآتُوا النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} [النساء: ٤]؛ أي: إنْ طابتْ أنفسُهن لكم عن شيءٍ من الصَّداقِ فوهبنَه لكم فكُلوه حلالًا طيبًا.

ومن السُّنةِ حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أُتِي بطعامٍ سأل عنه، فإنْ قِيل: هديةٌ، أكلَ منها، وإنْ قِيل: صدقةٌ، لم يأكلْ منها» (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَكُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ هِبَتُهُ»، كلُّ ما جاز بيعُه جازت هبتُه، وكلُّ ما لا يجوزُ بيعُه لا تجوزُ هبتُه؛ كالآبقِ والضَّالِّ والمجهولِ، نحوُ: وهبتُك أحدَ عَبيدِي؛ فلا يصحُّ، وتجوزُ هبةُ المشاعِ للشَّريكِ وغيرِه، وكذا تجوزُ هبةُ أرضٍ يزرعُها، وهبةُ الدَّينِ للمَدِينِ إبراءٌ، ولا يحتاجُ إلى قَبولٍ، ولغيرِه باطلٌ، ولو


(١) رواه البخاري (٢٤٣٧)، ومسلم (١٠٧٧).

<<  <   >  >>