للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهب لفقيرٍ دينًا عليه بنيَّةِ الزَّكاةِ لم يقعْ عنها، ولو قال: تصدَّقت بمالي عليك برِئَ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا تَلْزَمُ الْهِبَةُ إِلَّا بِالْقَبْضِ»، لا تخرجُ العينُ الموهوبةُ من مِلْكِ الواهبِ وتدخلُ في ملكِ الموهوبِ له قبلَ أن يقبضَها، وللواهبِ أنْ يرجِعَ عن الهبةِ قبل القبضِ، وقد دلَّ على ذلك حديثُ أم كلثومَ بنتِ أبي سلمةَ عن أمِّ سلمةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ، وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إِلَّا قَدْ مَاتَ، وَلَا أَرَى إِلَّا هَدِيَّتِي مَرْدُودَةً عَلَيَّ، فَإِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ فَهِيَ لَكِ»، قالت: وكان كما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ورُدَّت عليه هديتُه، فأعطى كلَّ امرأةٍ من نسائِه أوقيَّةَ مسكٍ، وأعطى أمَّ سلمةَ بقيَّةَ المسكِ والحُلَّةَ (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَالِدًا»، يقولُ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَقِيءُ ثمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» (٢).

وروى طاوسٌ عن ابنِ عمرَ وابنِ عباسٍ - رضي الله عنهم - أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» (٣).


(١) رواه أحمد (٢٧٣١٧)، وابن حبَّان في «صحيحه» (٥٥٥٠)، والطبراني في «الكبير» (٨٢٦)، وحسنه ابن حجر في «فتح الباري» (٥/ ٢٢٢).
(٢) رواه البخاري (٢٤٤٩)، ومسلم (١٦٢٢).
(٣) رواه أبو داود (٣٥٣٩)، والترمذي (١٢٩٩)، وقال: «هذا حديث حسن صحيح».

<<  <   >  >>