مرضِه بدينٍ لآخرَ، لم يُقدَّمِ الأولُ على الثَّاني، بل يتساويانِ كما لو ثبتَا بالبيِّنةِ.
«فَصْلٌ»
في العارِيَّة
العاريَةُ في اللُّغةِ: مشتقةٌ من التَّعاوُرِ, وهو التَّناوُبُ والتَّداوُل.
وفي الاصطلاحِ: إباحةُ الانتفاعِ بما يحلُّ الانتفاعُ به مع بقاءِ عينِه.
والأصلُ في مشروعيَّتِها من الكتابِ قولُه تعالى:{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}[الماعون: ٧]، وهو ما يستعيرُه بعضُ الجِيْرَانِ من بعضٍ؛ كالدلوِ، والفأسِ، والقِدْرِ، والإبرةِ، ونحوِ ذلك.
ومِن السنَّةِ حديثُ صفوانَ بنِ أميَّةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَارَ مِنْهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَدْرَاعًا، فَقَالَ: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ فقال صلى الله عليه وسلم:«بَلْ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ»، فَضَاعَ بَعْضُهَا فَعَرَضَ عَلَيْهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَضْمَنَهَا لَهُ، قَالَ: أَنَا الْيَوْمَ يَا رَسُولَ اللهِ فِي الْإِسْلَامِ أَرْغَبُ (١).
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَكُلُّ مَا يُمْكِنُ الانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ جَازَتْ إِعَارَتُهُ إِذَا كَانَتْ مَنَافِعُهُ آثَارًا»، يُشترطُ في المستعارِ أنْ
(١) رواه أحمد (٢٧٦٧٧)، وأبو داود (٣٥٦٢)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٥٧٤٧)، والحاكم (٢٣٠٠)، وأورد له شاهدًا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (٢٣٠١)، وصححه، وأقره الذهبي.